للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكنيسة، وإن ما تقوله الكنيسة - وعلى رأسها البابا - واجب الطاعة لأنه من أمر الله (١). وأصدر البابا نيكولا الأول Pope Nicholas I (٨٢٠ - ٨٦٧ م) بيانًا قال فيه: «إن ابن الله أنشأ الكنيسة بأن جعل الرسول بطرس أول رئيس لها. وإن أساقفة روما ورثوا سلطات بطرس في تسلسل مستمر متصل، ولذلك فإن البابا ممثل الله على ظهر الأرض يجب أن تكون له السيادة العليا والسلطان الأعظم على جميع المسيحيين، حكامًا كانوا أو محكومين» (٢).

[صراع الأباطرة والبابوات]

تقول إيليربي (٣): «وازدادت الرغبة البابوية للسلطة بشكل مضطرد، وقد اعتقد البابوات في أنفسهم أنهم متفوقون على جميع المخلوقات الآخرين، ولم يدّع البابوات فقط بأن كل شخص هو خاضع للسلطة البابوية، بل إن البابا نفسه لا يحاسب من قبل أحد إلا الرب وحده. وفي عام ١٣٠٢م [١٨ نوفمبر] أصدر البابا بونيفاس [الثامن] Pope Boniface VIII [١٢٣٥ - ١٣٠٣ م] مرسوم [الواحدة المقدسة/الكنيسة] Unam Sanctam الذي جاء فيه: "وبناء عليه إذا ما أذنبت سلطة أرضية، إنها سوف تحاكم من قبل القوة الروحية .. ولكن إذا ما أذنبت السلطة الروحية العليا، فإنها سوف تحاسب من


(١) محمد قطب: مذاهب فكرية معاصرة، ص (٢٧ - ٨). يقول الدكتور موريس بوكاي رحمه الله (١٩٢٠ - ١٩٩٨م): «أما فيما يتعلق بعشرات السنوات التي تلت رسالة المسيح، فيجب على القارئ معرفة أن الأحداث لم تقع مطلقًا كما قيلت، وأن وصول بطرس إلى روما لم يؤسس مطلقًا الكنيسة، بل على العكس، فبين اللحظة التي غادر فيها المسيح هذه الأرض، وحتى منتصف القرن الثاني - أي طيلة أكثر من قرن كانت هناك معركة بين اتجاهين: أي بين ما يمكن تسميته بـ (المسيحية الپولسية - نسبة إلى پولس)، وبين (اليهودية المسيحية)، ولم يحل الاتجاه الأول محل الثاني، ولم تنتصر الپولسية على اليهودية المسيحية إلا بشكل شديد التدرج» اهـ[موريس بوكاي: القرآن والتوراة والإنجيل والعلم: دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة، ص (٥٨) بتصرف يسير. Maurice Bucaille: La Bible, le Coran el la science: Les Ecritures saintes examinées à la lumière des connaissances modernes].
(٢) انظر، ول ديورانت: قصة الحضارة (١٤/ ٣٥٥).
(٣) هيلين إيليربي: الجانب المظلم في التاريخ المسيحي، ص (٧٨ - ٩).

<<  <   >  >>