للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الممكن استغلالها لتحقيق الطموحات التوسعية في بلاد المشرق العربي، خاصة أنه، من ناحية أخرى، بعد رواج الأفكار الليبرالية للثورة الفرنسية بين الشعوب الأوروپية النصرانية على اختلاف طبقات أفرادها، نمت جذور مشكلة أخرى، وهي ما عرف باسم (المسألة اليهودية The Jewish Question) (١) ، التي أخذت في التجذُّر والتشعب حتى استفحل أمرها، وصارت عبئًا على التربة الأوروپية، حتى ظهرت الحلول لاقتلاعها، وكان أبرز هذه الحلول هو الحل الاندماجي (الليبرالي) والحل الصهيوني (العقائدي/السياسي)، وكما يقول الدكتور حسن ظاظا (٢): «كثرت الحلول المقترحة لها، وقُدِّر لأسوأ هذه الحلول - وهو الحل الصهيوني - أن يشق طريقه إلى مسرح الحوادث فيرتع عليه حتى الآن».

وكان أول من لجأ إلى هذا الحل الصهيوني هو الإمپراطور الفرنسي، السفاح ناپليون بوناپارت Napoléon Bonaparte (١٧٦٩ - ١٨٢١ م).

...

[بوناپارت وتلاقي المسألتين اليهودية والشرقية]

حينما اندلعت الثورة الفرنسية، مَنَحَت اليهود كل حقوق المواطنين، وهو ما عبَّر عنه شعار «لليهود أفرادًا كل شيء، ولليهود جماعة لا شيء». ولم تجر إثارة أي جدل بشأن اليهود السفارد الذين كانوا يتحدثون إما اللغة الفرنسية أو اللادينو Ladino - وهي رطانة إسپانية قريبة الشبه بالفرنسية -، وكانوا يعملون في التجارة الدولية وفي الصناعة، ويتمتعون بمعظم حقوق المواطنين الفرنسيين، وكان نظامهم التعليمي متطورًا. أما اليهود الأشكناز، فكانوا محور المناقشة بسبب تَميُّزهم الوظيفي والثقافي، كما كانوا محط احتقار إخوانهم من السفارد .. وإلى جانب هذا، كان اليهود الأشكناز محط كراهية عميقة من الجماهير المسيحية.

وعشية الثورة الفرنسية نوقشت المسألة اليهودية الأشكنازية، والتي تم طرحها على


(١) سيأتي التعريف بها في موضعه.
(٢) د. حسن ظاظا: الشخصية الإسرائيلية، ص (٤٢).

<<  <   >  >>