للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل مخطوطات إنجيل يوحنا، ومن ضمنها الحالة المعنية هنا - أي النص الذي نحن بصدد مناقشته -. وفعل (يسمع) هو فعل (Akouo) باليونانية، ويعني استقبال الصوت، أما فعل (يتحدث) فهو فعل (Laleo) باليونانية، ومعناه العام إصدار أصوات وخاصة أصوات الكلام، ويتكرر هذا الفعل كثيرًا في النص اليوناني، وذلك للإشارة إلى التصريح الجليل للمسيح في أثناء تبشيره، إذن يبدو أن الاتصال بالناس المقصود هنا لا يكمن مطلقًا في إلهام من عمل الروح القدس، إنما هو اتصال ذو طابع مادي واضح، وذلك بسبب مفهوم إصدار الصوت، وهو المفهوم المرتبط بالكلمة اليونانية التي تعرفه» اهـ.

ولكن نلاحظ أن المسيح - عليه السلام - قد وعد بأن هذا المعزي سيجيء «ليمكث معكم إلى الأبد»، فما هو المراد من قوله «إلى الأبد»؟ والمراد أنه سيمكث معنا بشريعته وتعاليمه، وقد قال الله تعالى في حق نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه {رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (١)، وقال - عز وجل -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (٢)، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في حق الفرقة الناجية: «ما أنا عليه وأصحابي» (٣)، وقال الله - جل جلاله -: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٤) اهـ.

...

أيُكسَر الباب أم يُفتَح؟

لقد سلك اليهود وسائل عديدة ومتغايرة ومتنوعة للكيد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذين آمنوا معه ومقاومتهم، إلا أن هذه الوسائل لم تفلح ولم تؤت ثمارها المرجوة منها، وهي القضاء على جماعة المسلمين ودولتهم وكيانهم السياسي، فما سبب ذلك؟

بسبب تلك التربية النبوية الرشيدة التي غرست معاني الإيمان في القلوب وحققت العبودية الخالصة لله، وحاربت الشرك بجميع أشكاله، وعلمت الصحابة - رضي الله عنهم - الأخذ بأسباب النهوض والتمكين المعنوية والمادية، فقد ربَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه على العزة،


(١) الأحزاب: ٤٠
(٢) المائدة: ٣
(٣) رواه الترمذي، كتاب الإيمان: ٢٦٤١، وحسنه الألباني.
(٤) التوبة: ١٠٠

<<  <   >  >>