للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذهب والفضة التي أخرجها نبوخذنصر من الهيكل وجاء بها إلى بابل (١)، ولذا تحول قورش في الوجدان الديني اليهودي إلى المخلِّص، بل إلى كونه المسيح المنتظر (٢).

وللعلم أنه قد رفض كثير من اليهود، وخصوصًا الأثرياء منهم، العودة إلى فلسطين بعد مرسوم قورش، حيث وجدوا أنفسهم في بابل بعيدين عن اضطهاد الإمپراطورية الرومانية الشرقية، واكتفوا بدفع مساعدات مالية للعائدين إلى فلسطين.

...

[ورسولا إلى بني إسرائيل]

تتابعت الأنبياء والرسل على بني إسرائيل، كما أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي» (٣)، ولكنهم كعادتهم {كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} (٤).

وكما يذكر التونسي أنه «من الظواهر البارزة في تاريخهم كثرة أنبيائهم، وهذا شيء ينفردون به دون سائر الأمم، ولا تعليل له إلا السوء العريق في دخائلهم المنكوسة، ولولا هذا السوء اللازب لما احتاجوا إلى معشار هذا العدد من الأنبياء والمصلحين، ولكنهم لمسخ طبائعهم العريق كانوا على الدوام أهل سوء، فكلما حسنت حالهم على يد نبي أو مصلح ثم مات ارتدوا إلى سوئهم وعصيانهم، فاحتاجوا سريعًا إلى غيره، وهكذا دواليك. فكثرة أنبيائهم مخزاة من مخازيهم وليست مفخرة من مفاخرهم كما يريدون أن يَفْهَموا ويُفْهِموا الناس» اهـ (٥).

وفي ظل الحكم الروماني للقدس أرسل الله تعالى آخر رسله إلى بني إسرائيل خاصة، وهو المسيح عيسى ابن مريم - عليه السلام -، قال تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا


(١) انظر، عزرا ٦: ٣ - ٥
(٢) انظر، أشعياء ٤٥: ١ - ٧
(٣) رواه مسلم، كتاب الإمارة: ١٨٤٢
(٤) المائدة: ٧٠
(٥) محمد خليفة التونسي: الخطر اليهودي، ص (٧٤).

<<  <   >  >>