ورؤساء الكنس ومُسِنِّي الأسباط، كل منهم ينتظر تلك اللحظة العظيمة التي يتاح له بها مقابلة ذلك الرجل الذي سيصبح ولي نعمته، وكان الرباني الأعظم يحمل درج الكتابات المقدسة التي تحتوي على التوراة ... وأخيرًا يصل الموكب البابوي، وبعد أن يترجل البابا من المحفة البابوية المحمولة على أكتاف رجال البلاط البابوي، يتقدم الرباني الأعظم ومعه درج الكتابات المقدسة ويُقَبِّل خاتم البابا، ويتعهد بولاء الطائفة اليهودية وتأييدها، ويتسلم البابا الدرج المقدس ثم يخاطب جمهور اليهود ... وكان مما يقوله:"إننا نمدح الشريعة المقدسة ونحترمها تلك التي أنزلها الرب القدير على آبائكم عن طريق موسى، ولكننا نستنكر أعمالكم الدينية وكذلك تفسيراتكم الخاطئة للشريعة، وذلك لأن المخلِّص الذي لا زلتم تنتظرونه عبثًا منذ عهد طويل قد ظهر بشخص سيدنا يسوع المسيح، وذلك طبقًا لتعاليم رسلنا وديننا، وهو الذي يقيم مع الأب والروح القدس، ويحكم كإله من جيل إلى جيل، إنني أعترف بكل هذا ولكن لا أقركم على ما تعتقدون". فإذا ما أرجع البابا الدرج بابتسامة رضا، فهذا يدل على الحياة المستمرة لليهود في المدينة المقدسة، عندئذ يتنفس اليهود الصعداء، فهم لا ينتظرون أكثر من ذلك ...
والحقيقة أن هذه الاحتفالات لم تكن دومًا خالية من المشكلات، ففي بعض الأحيان كان البابا يرمي الدرج المقدس في الوحل، كدليل على احتقاره لذلك الشعب الذي يقدس هذا الدرج، وعندها كانت جموع الشعب تضج بالضحك والصراخ، بينما يقف اليهود لا حول لهم ولا طول، ولا يستطيعون أن يتفوهوا بأية كلمة أو أن يقوموا بأي عمل، بل تراهم يرتجفون توجسًا لما ينتظرهم من أيام سوداء على يد هذا البابا» اهـ.
[علاقة اليهود بالأغيار]
أدى رسوخ هذه الروح المشيحانية في وجدان الجماعات اليهودية إلى دعم نظرة الاستعلاء والاعتقاد في كونهم شعب الله المختار .. وكما قسَّم الرومان قديمًا الناس إلى رومان وبرابرة، وقسمهم العرب إلى عرب وعجم، قسمهم اليهود إلى يهود وجوييم. وجوييم تعني عندهم وثنيين وكفرة وبهائم وأنجاسًا ... وإليك البيان:
يعتقد اليهود، شعب الله المختار، أنه لا يسمح بعبادته ولا يتقبلها إلا من اليهود، فغيرهم إذن جوييم، أي عباد أوثان أو وثنيون، مهما يكن الإله الذي يعبدونه، واليهود