[الاتجاه الثالث (التقريب بين الأديان)]
وهو الاتجاه الأعم من حيث الدلالة، كما أنه الاتجاه السائد من حيث التطبيق؛ فهو يمثل معظم المحاولات العالمية والإقليمية والمحلية لإيجاد تواصل، وبناء علاقات بين مختلف الأديان والملل.
وعبارة (التقريب بين الأديان) - في ذاتها - هي عبارة مطاطية وحمَّالة للأوجه، لا تحمل مدلولًا اصطلاحيًا محددًا، فضلًا أن تكون ذات حقيقة شرعية ثابتة؛ فلفظ (التقريب) أو (التقارب Rapprochement) يدل على مسألة نسبية هي (القرب)، تتفاوت في حقيقتها وتطبيقاتها لدى مختلف الأطراف، بل وفي نظرة كل طرفٍ على حدة، في فترة زمنية معينة، فقد تقتصر على حدٍ أدنى من المجاملات الشكلية، وقد توغل في الاقتراب إلى درجة الاندماج والوحدة وسقوط الفوارق، وبين هذا وذاك مراتب عديدة.
[الخصائص الفكرية التي يقوم عليها هذا الاتجاه والملاحظ عليها]
ويقوم هذا الاتجاه التقريبي على خصائص فكرية تتلخص في النقاط التالية:
- اعتقاد إيمان الطرف الآخر، وإن لم يبلغ الإيمان التام الذي يعتقده هو.
- نبذ ما يقوم به أرباب (الالتقاطية) و (التلفيقية) من جمع عناصر من مختلف الأديان أو محاولة حمل بعضها على بعض للوصول إلى وضع موحَّد.
- الاعتراف بالآخر، واحترام عقائده وشعائره، ورفع الأحكام المسبقة.
أما من الناحية المنهجية، فيعتمد الأساليب التالية:
- الدعوة إلى التعرف على الآخر كما يريد أن يُعرَف.
- تجنب البحث في المسائل العقدية الشائكة.
- نسيان الماضي التاريخي، والاعتذار عن أخطائه، ومحاولة التخلص من آثاره.
- إبراز أوجه التشابه والاتفاق، وإقصاء أوجه الاختلاف والافتراق.
- التعاون على تحقيق القيم المشتركة.