للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرواية إلا فيما شاء الله، وانصرف سائرهم إلى النقد والتحقيق مع الحفظ والرواية، وقليل ما هم، {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} (١)» اهـ.

ولقد دلنا على ذلك ما قاله الإمام الطبري رحمه الله في مقدمة تاريخه، قال (٢): «وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه فيه، إنما هو على ما رُويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه والآثار التي أنا مسندها إلى رواتها. فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهًا من الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قِبَلنا، وإنما أتى من قِبَل ناقليه إلينا، وإنَّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُدِّي إلينا» اهـ.

...

ثانيًا: عدالة الصحابة:

[تعريف الصحابي]

الصحبة لغة: يتحقق مدلولها في شخصين بينهما ملابسة ما، كثيرة أو قليلة، حقيقية أو مجازًا، قال تعالى: {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} (٣)، وجاء في لسان العرب (٤): «صاحبه أي عاشره ورافقه ولازمه».

الصحبة اصطلاحًا: قال ابن حجر (٥): «وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنًا به، ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن لم يره لعارض كالعمى، ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرًا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى، وقولنا (به) يخرج من لقيه مؤمنًا بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة، وهل يدخل من لقيه منهم وآمن بأنه سيبعث أو لا يدخل؟ محل احتمال، ومن هؤلاء بحيرا الراهب ونظراؤه. ويدخل فى


(١) البقرة: ١٤٨
(٢) تاريخ الطبري (١/ ٨).
(٣) الكهف: ٣٤
(٤) ابن منظور: لسان العرب (١/ ٥١٩)، مادة: (ص ح ب).
(٥) ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة (١/ ١٩ - ٢٠).

<<  <   >  >>