للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمرو وأبي موسى وأيامهما في الإسلام ومكانتهما من النبي - صلى الله عليه وسلم - وموضعهما من ثقة الفريقين بهما واختيارهما من بين السادة القادة المجرَّبين» اهـ.

...

رابعًا: موقف أهل السنة والجماعة من الفتنة:

يتلخص موقف أهل السنة والجماعة في وجوب الكف عمَّا شجر بين الصحابة، والاشتغال بنشر فضائلهم وإذاعة مناقبهم في العالمين، قال ابن كثير (١): «سُئِلَ الإمام أحمد عما جرى بين علي ومعاوية فقرأ {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٢) [وكذا نُقِلَ عن غير واحد من السلف]، وروى ابن عساكر عن أبي زرعة الرازي أنه قال له رجل: إني أبغض معاوية، فقال له: ولم؟ قال: لأنه قاتل عليًا، فقال له أبو زرعة: ويحك، إن رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فأيشٍ دخولك أنت بينهما؟ رضي الله عنهما».

وسُئِل بعضهم أيضًا فقال: «تلك دماء قد طهَّر الله منها يدي، فلا أخضب بها لساني» (٣).

وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أنه قال: «الناس على ثلاث منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. ثم قرأ: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (٤)، قال: فهؤلاء المهاجرون، وهذه منزلة قد مضت، {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٥)، قال: هؤلاء الأنصار، وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا


(١) ابن كثير: البداية والنهاية (٨/ ١٣٠) بتصرف يسير.
(٢) البقرة: ١٣٤
(٣) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ٣٨٣).
(٤) الحشر: ٨
(٥) الحشر: ٩

<<  <   >  >>