للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} (١)، قال: قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم» (٢).

وقال القرطبي (٣): «لا يجوز أن ينسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأرادوا الله - عز وجل -، وهم كلهم لنا أئمة، وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم، وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر، لحرمة الصحبة ولنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سبِّهم، وأن الله غفر لهم، وأخبر بالرضا عنهم».

وقال (٤): «قال المحاسبي [ت. ٢٤٣هـ]: فأما الدماء فقد أشكل علينا القول فيها باختلافهم. وقد سُئِل الحسن البصري عن قتالهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وغبنا، وعلموا وجهلنا، واجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا، قال المحاسبي: فنحن نقول كما قال الحسن، ونعلم أن القوم كانوا أعلم بما دخلوا فيه منا، ونتبع ما اجتمعوا عليه، ونقف عندما اختلفوا فيه ولا نبتدع رأيًا منا، ونعلم أنهم اجتهدوا وأرادوا الله - عز وجل -، إذ كانوا غير متهمين في الدين، ونسأل الله التوفيق».

وقال ابن تيمية (٥): «وسائر أهل السنة والجماعة وأئمة الدين لا يعتقدون عصمة أحد من الصحابة ولا القرابة ولا السابقين ولا غيرهم، بل يجوز عندهم وقوع الذنوب منهم، والله تعالى يغفر لهم بالتوبة، ويرفع بها درجاتهم، ويغفر لهم بحسنات ماحية، أو بغير ذلك من الأسباب، قال تعالى: {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ. لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ. لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٦)».

وقال الذهبي (٧): «كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم - رضي الله


(١) الحشر: ١٠
(٢) ابن تيمية: الصارم المسلول، ص (٤٤٩).
(٣) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن (١٩/ ٣٨٢).
(٤) السابق.
(٥) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٣٥/ ٦٩).
(٦) الزمر: ٣٣ - ٣٥
(٧) الذهبي: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٩٢).

<<  <   >  >>