للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معها قد ازداد. وهكذا، وجدوا أنهم إن لم ينضموا إليه لاكتسحهم النسيان، فليس عندهم ما يقدمونه للجماهير سوى (التسلل المميت) (١).

[الموقف اليهودي الأرثوذكسي تجاه (البدعة) الصهيونية]

بقي أن نشير إلى الموقف اليهودي الأرثوذكسي تجاه (البدعة) الصهيونية؛ فلقد كان الفكر اليهودي الأرثوذكسي معاديًا تمامًا للصهيونية (في حينها)، حيث كان الإيمان بعودة الماشَّيح يعني الانتظار في صبر وأناة إلى أن يأذن الإله بالعودة. وعلى المؤمن الحق أن يقبل المنفى، إما عقابًا على ذنوب يسرائيل أو كجزء من التكليف الإلهي، عليه ألا يحاول التعجيل بالنهاية (دحيكات هاكتز)، وإلا فهو مهرطق يرتكب جريمة (٢).

يقول ياكوف رابكن (٣): «ونجد في التلمود جدلًا يتعلق بحق الإقامة على الصعيد الفردي في أرض إسرائيل. لكن هناك موافقة على المنع من الإقامة فيها بكثافة. وتشرح مصادر حاخامية عديدة هذه الأيمان عبر القرون بمعنى نبوي، قائلة: "لو أن جميع الأمم شجعت اليهود على الإقامة في أرض إسرائيل، فلا بد مع ذلك، من العزوف عن هذا الأمر خوفًا من ارتكاب خطايا أخرى تكون نتيجتها معاقبتهم بنفي أشد". وهذا الشرح هو أساس مهم لمناهضة الصهيونية من قبل حاخامين عديدين في بداية القرن العشرين».

ويذكر إسرائيل شاحاك ونورتون ميزفينسكي أنه «في أوائل القرن التاسع عشر قام مندلسون ومؤيدون آخرون للتنوير اليهودي، وكذلك معارضوهم مثل الحاخام سامسون رفائيل هيرش Samson Raphael Hirsch [١٨٠٨ - ١٨٨٨ م] الأب الروحي للأرثوذكسية المعاصرة في ألمانيا، بالاتفاق على والاستمرار في تحريم


(١) السابق (٦/ موقف هرتزل من التيارات الصهيونية قبله) باختصار.
(٢) انظر السابق (٥/ اليهودية الأرثوذكسية والصهيونية). وقد جاء مثل هذا المعنى في رسالة بعث بها صحافي يهودي إلى هرتزل يذكره فيها بأن تعاليم التلمود «تحظر على اليهود أن يأخذوا فلسطين بالقوة أو يقيموا لهم دولة هناك» [انظر، د. عبد الوهاب المسيري: الپروتوكولات واليهودية والصهيونية، ص (١٣٦)].
(٣) ياكوف رابكن: المناهضة اليهودية للصهيونية، ص (١١٢).

<<  <   >  >>