يرجع تاريخ اليهود في أمريكا إلي عهد المبشر كريستوفر كولمبس، حيث يذكر هنري فورد أنه (١): «كان قد تم طرد أكثر من ثلاثمائة يهودي من إسپانيا في يوم ٢ أغسطس ١٤٩٢م، وفي اليوم التالي - أي في ٣ أغسطس ١٤٩٢م - بدأ كولمبس رحلته متجهًا نحو الغرب، وكان قد أخذ معه في هذه الرحلة بعض اليهود.
ولم يكن أولئك اليهود الذين صحبهم كولمبس في رحلته نحو الغرب من اليهود الذين تم طردهم من إسپانيا بحيث يكون وجودهم في ركاب رحلة كولمبس مجرد مصادفة عشوائية، لا، لقد كان زعماء اليهود في إسپانيا متعاطفين مع خطط وآمال كولمبس إلى حد كبير منذ وقت طويل سابق لتاريخ طردهم الجماعي من إسپانيا، ويعترف كولمبس نفسه أنه كان يتحدث مرارًا وتكرارًا مع الزعماء اليهود، وكانت أول رسالة يبعث بها إلى إسپانيا أثناء قيامه بالرحلة موجهة إلى شخص يهودي شرح له كولمبس ما تم إنجازه من مراحل رحلته.
ولقد كانت أموال أثرياء اليهود هي التي مكنت كولمبس بالفعل من تحقيق أولى رحلاته من أجل اكتشاف مجال جديد لمعارف العالم وثرواته باكتشاف ذلك النصف الآخر من العالم المتمثل في اكتشاف الأمريكتين، ولقد اختفت تلك القصة الشائعة التي كانت تقول إن مجوهرات الملكة إيزابيلا Isabella I of Castile [١٤٥١ - ١٥٠٤ م] هي التي كانت مصدر تمويل رحلة كولمبس بعد التحريات والبحث العلمي الدقيق.
وبدءًا من هذه البداية أخذ اليهود عمومًا يتطلعون باهتمام متزايد إلى أمريكا باعتبار أنها ميدان واعد ومثمر، وبدأت هجرة اليهود بقوة وكثافة تتجه نحو أمريكا الجنوبية، وتتجه أساسًا إلى البرازيل، ونظرًا لاشتراك اليهود الذين استقروا في البرازيل في حرب نشبت بين البرازيليين والهولنديين فلقد اضطر يهود البرازيل إلى الهجرة إلى نيوأمستردام New Amsterdam في أمريكا الشمالية، التي تغير اسمها إلى نيويورك New York بعد ذلك، ولم يكن حاكم نيو أمستردام الهولندي پيتر ستويفزنت Peter Stuyvesant
(١) هنري فورد: اليهودي العالمي، ص (٣٠ - ٥) باختصار. Henry Ford: The International Jew