يوافق على وجود اليهود بكثرة في الولاية التي يحكمها، وكان يأمرهم باستمرار بمغادرة ولايته ولكن اليهود كانوا قد اتخذوا احتياطهم ضد عدم الترحيب بوجودهم في تلك الولاية، إذ توجه مديرو الشركات بالولايات إلى الحاكم وأبلغوه أن وجود اليهود ضروري بالولاية، وذلك لضخامة رءوس الأموال اليهودية المستثمرة في هذه الشركات وامتلاك اليهود لمعظم الأسهم بها.
وعلى كل حال أصر حاكم الولاية على منع اليهود من أن يتولوا الوظائف العامة، وحرم عليهم تراخيص محلات البيع بالتجزئة مما كان له تأثيره على أن يتجه اليهود نحو التجارة الخارجية التي سيطروا عليها واحتكروا الاستيراد والتصدير بسبب العلاقات والروابط التي تربطهم بيهود أوروپا.
وهكذا تسبب پيتر ستويفزنت حاكم ولاية نيويورك بتضييقه الخناق على اليهود أن يتجه اليهود إلى مجالات أعمال جعلت من نيويورك ميناء أمريكا الرئيس.
ولا عجب إذن أن يعتبر الكُتَّاب والمفكرون إزاء هذا الوضع المزدهر لليهود في أمريكا أن نيويورك هي أرض الميعاد التي كان يتحدث عنها أنبياء اليهود، وغدت نيويورك في نظرهم هي (القدس الجديدة). ولقد ذهب بعض اليهود إلى حد أبعد من ذلك، ذهبوا إلى حد أن أطلقوا على قمم جبال روكي تسمية (جبال صهيون)، ولقد كان يزكي هذا الاعتبار لديهم أن يضعوا في اعتبارهم ثروات اليهود الذين يعيشون على السواحل الأمريكية» اهـ.
لم يكن لدى الحكومة الأمريكية حتى الحرب العالمية الأولى أدنى اهتمام بالصهيونية كحركة سياسية، ولكنها كحركة روحية كانت تشكل عنصرًا مهمًا في الفكر الأمريكي والحياة السياسية منذ الأيام الأولى للاستيطان الأوروپي في العالم الجديد خلال النصف الثاني من القرن السابع عشر. وكانت العناصر اليهودية في الواقع أكثر وضوحًا في العالم الجديد. وكان الحجيج يحملون معهم الثقافة العبرية. وكما هي الحال في إنجلترا، كان اللاهوت الپيوريتاني يعتمد على النص الحرفي والتسليم بما في العهد القديم. وكان الپيوريتانيون يحسون أن تجاربهم الأمريكية تجعلهم متماثلين مع المنفيين والمقيمين العبرانيين الذين ذكرتهم التوراة، فقد أصبحت أمريكا (كنعان الجديدة)، كما أن هؤلاء فروا، كالعبرانيين القدامى، من عبودية فرعون (الملك چيمس الأول ملك