للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الأعمش عن مجاهد، إنه قال: لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي (١)، وقال رجل لمعاوية: يا أمير المؤمنين ما أحلمك؟ فقال: إني لأستحيي من الله أن يضيق حلمي عن ذنب أحد في رعيتي (٢)» اهـ.

...

[الشيعة بعد عام الجماعة]

يذكر النوبختي أنه بعد الصلح «لزمت فرقة القول بإمامة الحسن بن علي بعد أبيه إلا شرذمة منهم، فإنه لما وادع الحسن معاوية وأخذ منه المال الذي بعث به إليه على الصلح طعنوا فيه وخالفوه ورجعوا عن إمامته، فدخلوا في مقالة جمهور الناس، وبقي سائر أصحابه على القول بإمامته إلى أن قُتِل، فإنه لما تنحى عن محاربة معاوية وانتهى إلى مظلم ساباط، وثب عليه رجل من بني أسد يقال له الجرَّاح بن سنان، فأخذ بلجام دابته، ثم قال: الله أكبر! أشركت كما أشرك أبوك من قبل! وطعنه بمغول في أصل فخذه، فقطع الفخذ إلى العظم، فاعتنقه الحسن وخرَّا جميعًا، فاجتمع الناس على الجرَّاح فوَطِئُوه حتى قتلوه، ثم حملوا الحسن على سرير وقد أثخنته الجراح، فأتوا به إلى المدائن، فلم يزل يعالج بها في منزل سعد بن مسعود الثقفي حتى صحت جراحته، ثم انصرف إلى المدينة، فلم يزل جريحًا من طعنته، سقيمًا في جسمه، كاظمًا لغيظه، متجرعًا لريقه على الشجا والأذى من أهل دعوته، حتى توفي - عليه السلام - في آخر صفر من سنة سبع وأربعين، وهو ابن خمس وأربعين سنة وستة أشهر» اهـ (٣).

ويمكن لنا القول بأن شيعة علي - رضي الله عنه - افترقت بعد عام الجماعة إلى ثلاث فرق: فرقة تركوا التشيع ولحقوا بركب أهل السنة وثبتوا مع الحسن بعد هذا الصلح وبايعوا معاوية - رضي الله عنه -، وأطاعوه وأخلصوا له الوفاء طيلة حياتهم، وفرقة قالت بإمامة الحسين من


(١) السابق (٨/ ١٣٢).
(٢) السابق (٨/ ١٣٥).
(٣) النوبختي: فرق الشيعة، ص (٣٦).

<<  <   >  >>