للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (١).

فيقول أهل الأهواء والبدع أن (منهم) هنا وردت للتبعيض أي (من بعضهم)، وفي هذا دليل على عدم وجوب عدالتهم، ومن ثم يفتح الباب للطعن فيهم.

وهذا افتراء محض، وجوابه:

يقول علماء التفسير إن (منهم) هنا ليست للتبعيض، وإنما هي على معنيين:

- الأول: أي من جنسهم، بدليل قول الله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} (٢)، ولا يعني الله تعالى أن نجتنب بعض الأوثان ونترك بعضها لا نجتنبها، بل المطلوب أن نجتنب جميع الأوثان، و (من) هنا أي: من جنس هذه الأوثان.

- الثاني: (من) هنا مؤكدة، كما قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} (٣)، فليس معناه أن بعضه شفاء ورحمة والبعض الآخر ليس كذلك، أبدًا، بل كله شفاء ورحمه، و (من) هنا مؤكدة (٤).

أضف إلى ذلك أن الله تعالى في قوله: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} زكَّى الصحابة في ظاهرهم، وزكى باطنهم في قوله سبحانه: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}، لا كما قال - عز وجل - في المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَآءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلًا} (٥).

...

[الشبهة العاشرة: في صلح الحديبية]

ومفادها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج إلى عمرة الحديبية وبعد أن عقد الصلح مع قريش رجع ولم يعتمر، فأمر الصحابة - رضي الله عنهم - أن يحلقوا وينحروا فلم يستجب الصحابة لأمره - صلى الله عليه وسلم -، ثم انطلق حتى دخل على أم سلمة غضبان .. فيقول المبتدعة أن أصحاب الرسول - رضي الله عنه - أغضبوه وأمثال هؤلاء يستحيل أن يكونوا من العدول.


(١) الفتح: ٢٩
(٢) الحج: ٣٠
(٣) الإسراء: ٨٢
(٤) راجع كلام الإمام القرطبي في تفسيره (١٩/ ٣٤٦).
(٥) النساء: ١٤٢

<<  <   >  >>