للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مباحث اجتماعية فلسفية جامدة اقتضتها الحاجة حاولت اختصارها قدر الإمكان، وأن يرجئ الحكم إلى نهاية الفصل.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلًا

...

[اصطفاء مشروط لبني إسرائيل]

فلقد امتن الله على بني إسرائيل واصطفاهم وفضلهم على العالمين، وجعل فيهم الكتاب والحكم والنبوة. ولكنه كان اصطفاءً مشروطًا، إذ قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} (١).

وحينما قالت بنو إسرائيل لموسى - عليه السلام -: {أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَاتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا}، {قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (٢).

فلم يكن الاصطفاء للإسرائيلي ذاته، فلقد قال الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (٣)، وإنما {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (٤)، وهو تعالى العليم الحكيم.

ولقد بين لهم موسى - عليه السلام - هذا الأمر صراحةً؛ قال الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ. وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} (٥).

فكان الاصطفاء هو عين الابتلاء، وكما قال نبي الله سليمان - عليه السلام -: {قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (٦).


(١) المائدة: ١٢
(٢) الأعراف: ١٢٩
(٣) الحجرات: ١٣
(٤) الجمعة: ٤
(٥) إبراهيم: ٧ - ٨
(٦) النمل: ٤٠

<<  <   >  >>