للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنذ ذلك الحين بدأ ما وصفه وليام آر. پولك William R. Polk في كتابه (الستار الخلفي للتراچيديا Backdrop to Tragedy) بـ «الاتحاد العجيب بين سياسة الإمپراطورية ونوع من الصهيونية المسيحية الأبوية التي تتجلى في السياسة البريطانية فيما بعد» (١).

والمتأمل يجد أن «المقدمات التي وضعوها وتتابع الأحداث السياسية والعسكرية أضفت على آرائهم عن الآخرة صبغة من الواقعية وولدت بين الجماهير اعتقادًا بأن ما كان يحدث أمام أبصارهم هو تسلسل أحداث سفر الرؤيا التي وردت في النبوءات على آخر الزمان» (٢).

ولكن ما لا شك فيه أن تطور المسألة اليهودية في أوروپازاد من الضغط على إنجلترا لاتخاذ خطوات سياسية أكثر إيجابية، ونحن لا يمكننا وضع تصور صحيح لمجريات الأحداث دون التوقف بعض الشيء لنبش جذور هذه المسألة اليهودية، والتي نمت بذرتها الأولى بين يهود پولندا وروسيا، أو يهود اليديشية (٣) أو شرق أوروپاكما يطلق عليهم ..

[جذور المسألة اليهودية]

يرجع تواجد اليهود في روسيا إلى القرن التاسع الميلادي حين توسعت مملكة الخزر اليهودية في وادي فولجا Volga ومناطق أخرى من روسيا. وقد اشترك يهود الخزر، حسبما ورد في الموروثات الشعبية الروسية، في المناظرة الدينية التي عقدت بين ممثلي الديانات الثلاث عام ٩٨٦م أمام أمير كييف Kiev، وقد اعتنق بعدها المسيحية وأصبحت الأرثوذكسية هي الدين الرسمي لروسيا. وبعد أن استقر اليهود في المدينة


(١) انظر، د. ريچينا الشريف: الصهيونية غير اليهودية، ص (٦٣).
(٢) السابق، ص (٥٨ - ٩).
(٣) يهود اليديشية: هو مصطلح استخدمه يهود إنجلترا من السفارد وغيرهم، للإشارة إلى المهاجرين الأشكناز الجدد من روسيا وپولندا. واللهجة اليديشية التي تميز بها يهود شرق أوروپا، هي خليط من اللغة الألمانية أضيف إليها بعض الكلمات السلافية والعبرية، وكتبت بالحروف العبرية حتى أصبح يشار إليها باللغة اليديشية Yiddish language. وأصبحت هذه اللهجة، التي يُقال لها لغة، سمتهم الثقافية الأساسية التي حملوها معهم أينما ذهبوا.

<<  <   >  >>