فعله الطاعنون الجدد أنهم أحيوا هذا السب الذي أماته أهل السنة لما كانت الدولة دولتهم والسلطان سلطانهم، وكان أهل الزندقة والبدع مقموعين.
وهذا السب إنما أحيي حديثًا على يد طوائف الكفار الحاقدين على الإسلام، ومن قلَّدهم من أبناء هذه الأمة إما جهلًا وإما افتتانًا بالغرب ومناهجه، الواقعون في حرمات الله باسم حرية الرأي والبحث العلمي، ناسين أو متناسين أن للمنهج العلمي في الإسلام وتاريخه قواعد وأصولًا وضوابط شرعية يجب على الباحث أن يلتزم بها، ويكون بحثه واجتهاده في نطاقها حتى لا تجيء نتائج أبحاثه ودراساته مناقضة للواقع وللقواعد الشرعية والأحكام الإسلامية».
ولله در الإمام أبي زرعة الرازي (ت. ٢٦٤هـ) إذ يقول: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهم يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة» اهـ (١).
...
ثالثًا: حقيقة الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:
بداءة نقول: يلزم دارس التاريخ أن يدرس الظروف التي وقعت فيها أحداثه، والحالة النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي اكتنفت تلك الأحداث، والأحداث التي دفعت إلى ارتكاب الخطأ قبل أن يحكم عليها، حتى يكون حكمه أقرب إلى الصواب. ونكتفي هنا بمثال واحد لبيان الطريقة المثالية في معالجة القضايا والأخطاء، ألا وهو موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - من صنيع حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - حين أرسل كتابًا مع امرأة من المشركين ليخبرهم بمسير الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة.
ومن هذه الحادثة نستطيع أن نحدد ثلاث مراحل للمعالجة العادلة للخطأ أو الحادث:
- المرحلة الأولى: مرحلة التثبت من وقوع الخطأ أو وقوع الحادث، وفي هذا الحادث تم التثبت عن طريق أوثق المصادر ألا وهو الوحي.