للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤ - محمد الأمين الشنقيطي]

ورحم الله الشيخ محمدًا الأمين الشنقيطي (١٣٢٥ - ١٣٩٣هـ) - ويشهد طلاب الجامعة الإسلامية على موقفه - عندما أجاب بعض (آيات) الشيعة الذين جاءوا لمناظرته قال: «لو كنا نتفق على أصول واحدة لناظرتكم ولكن لنا أصول ولكم أصول وبصورة أوضح لنا دين ولكم دين، وفوق هذا كله أنتم أهل كذب ونفاق» اهـ (١).

[٥ - يوسف القرضاوي]

ولا نغفل عن ذكر الموقف الشجاع - الذي أشرنا إليه منذ قليل - للدكتور يوسف القرضاوي، وصدعه بالحق في وجه أئمة الرفض المعاصرين، وتحذيره من خطر المد الشيعي واختراقهم لبلاد السنة، الأمر الذي عرَّضه لموجة حادة من الانتقادات تذكرني بموقف يهود المدينة مع عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -!؛ حيث اعتبر آية الله تسخيري أن تصريحات القرضاوي ناجمة عن ضغوط الجماعات المتطرفة، وتتعارض مع أهداف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين .. وتحت عنوان (القرضاوي وخطابه الطائفي) كتب حسن هاني زاده خبير الشئون الدولية في وكالة (مهر) الإيرانية للأنباء مقالًا قال فيه: إن الشيخ يوسف القرضاوي تحدث بلغة تتسم بالنفاق والدجل وتنبع عن أفكار تحمل الطابع الطائفي، واعتبر زاده أن تصريحات القرضاوي جاءت على لسان حاخامات يهود الذين كانوا وما زالوا يحذرون العالم من خطر المد الشيعي، لأن الخسائر التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي في حرب يوليو عام ٢٠٠٦م جاءت على يد أبناء الطائفة الشيعية في لبنان دون غيرها (!) (٢) (٣).


(١) انظر، عبد الله الغريب: وجاء دور المجوس، ص (١٥٦).
(٢) انظر، جريدة (المصري اليوم)، عدد الأربعاء ١٧/ ٩/٢٠٠٨م، ص (١٢). وقد ذكر الشيخ القرضاوي في بيانه الذي أصدره في الأربعاء ١٧/ ٩/٢٠٠٨م ونقلته عنه الصحيفة ذاتها (عدد ١٩/ ٩/٢٠٠٨م، ص (١١)) أن وكالة أنباء (مهر) الإيرانية شبه الرسمية شنت هذا الهجوم العنيف على شخصه، و «أسفت إسفافًا بالغًا لا يليق بها»، وذلك في ١٣ رمضان ١٤٢٩هـ/١٣ سپتمبر ٢٠٠٨م ..
(٣) إن أحداث هذه الحرب والتصريحات التي أصدرها الطرفان أشارت إلى أن ما جرى على أرض لبنان ما كان (حرب تحرير) من قبل حزب الله ولا (حرب تدمير) من قبل إسرائيل لحزب الله (وإن كانت قد دمرت لبنان شمالًا وجنوبًا!)، إنما كان محاولة من الطرفين لضبط العلاقة في ظل تغير لميزان القوى، وإلا فهو من الصعب القول بانتصار طرف وهزيمة طرف آخر؛ فإسرائيل، من جهتها لم تكن تسعى إلى القضاء على حزب الله وتدميره، ليس لقدراته وقوته، ولكن لأنه حزب - نوعًا ما - منضبط على الرغم من الإزعاج الذي يسببه في بعض الأحيان، ولأن زوال حزب الله من جنوب لبنان كفيل بصعود مقاومة سنية بديلة لا تقبل التفاوض أو المساومة، وهو أمر لا تقبله إسرائيل بتاتًا. وكذلك في مقابل رد إسرائيل العنيف غير المتوقع - كما كشفت تصريحات حسن نصر من طرف خفي - على عملية (الوعد الصادق)، فإن حزب الله لم يحاول أن يلحق خسائر قاسية بإسرائيل فحاد عن ضرب الكيماويات في حيفا ولم يقدم على ضرب تل أبيب، وذلك لأنه في حاجة لبقاء إسرائيل لتبرير وجوده هو، ومن ثم الوجود الإيراني بصورة أشمل [للتوسع، انظر، د. وليد نور: حرب لبنان، الوعد الصادق أم الوهم الكاذب]. ولقد وصف مؤخرًا الفيلسوف الأمريكي أفرام نعوم تشومسكي Avram Noam Chomsky خلال زيارته لقرى بجنوب لبنان، هذه الحرب بأنها قامت بقرار أمريكي كامل، واصفًا الوساطة الأمريكية لإحلال السلام في المنطقة بأنها «مزحة» [انظر، جريدة (المصري اليوم)، عدد الأحد ٢٣/ ٥/٢٠١٠م، ص (١٠)].

<<  <   >  >>