للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- - {الصهيونية .. رؤية مغايرة} - -

«إذا كان الله لا يرسل إليَّ مسيح من عنده يختلف عن مسيح الذي ينتظره اليهود ويعلقون عليه رجاءهم، فأفضل لي لو مُسِخت خنزيرًا، فلا أبقى بعد ذلك إنسانًا» [مارتن لوثر] (١)

بعد أن صدَّرنا الفصل بهذا المدخل، ننطلق صوب الموضوع الرئيسي الذي نحن بصدد مناقشته، والذي عنونته بـ (الصهيونية، رؤية مغايرة)؛ فهي رؤية مغايرة لما يراه بعض المهتمين بالمسألة اليهودية، حيث تعرَّف الصهيونية في اصطلاحهم بأنها (حركة أصولية يهودية دينية في الأساس)، وفي حقيقة الأمر هي ليست كذلك، فكما يذكر ياكوف رابكن (٢): «كانت الصهيونية اختراع مثقفين أو متمثلين بهم، اختراع (حزب العقل) الذي أدار ظهره للربانيين، وتطلع إلى الحداثة Modernity، والذي يبحث بنشاط واندفاع عن علاج لبؤس حياته» اهـ.

ولكن هذا لا يعني أننا نتجاهل البعد العقائدي لهذه البدعة الصهيونية، والذي ستؤول إليه السيطرة في الحقبة المقبلة، كما يرجح الكثير من باحثي اليهودية كإسرائيل شاحاك وإيان لوستك وعبد الوهاب المسيري وغيرهم (٣)، إن لم تكن آلت إليه بالفعل. فضلًا عن أن هذا ما ندين إلى الله تعالى به؛ أي الإيمان بأن سنته - سبحانه وتعالى - في ملكه هي كون الصراع دائمًا وأبدًا بين معسكري الإيمان والكفر، بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، حتى وإن


(١) مارتن لوثر: عن اليهود وأكاذيبهم، ص (١٤٦).
(٢) ياكوف رابكن: المناهضة اليهودية للصهيونية، ص (٢٦).
(٣) سيأتي بيان هذا في موضعه، وما تمخضت عنه الانتخابات الإسرائيلية في فبراير ٢٠٠٩م من صعود صاروخي لليمين الإسرائيلي واستحواذه على حوالي نصف مقاعد الكنيست، بل وعلى الأخص صعود حزبي (يسرائيل بيتنا) العنصري المتطرف و (شاس) الديني المتعصب، مع الإطاحة بحزب العمل اليساري الوسطي، إضافة إلى ما نص عليه استطلاع جالوپ كما تقدم، فكل هذه إشارات لما ستئول إليه الأمور، والله أعلم.

<<  <   >  >>