للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (١)، في آيات يطول ذكرها، وأحاديث شهيرة يكثر تعدادها، وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم، ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله له إلى تعديل أحد من الخلق».

بل يقول الدكتور عثمان الخميس (٢): «ومن الأمور التي تدل على عدالة الصحابة - رضي الله عنهم - بشكل مجمل وعام، ما قام به أهل العلم من تمحيص الروايات التي رواها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فما وجدوا صحابيًا كذب كذبة واحدة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل مع انتشار البدع في آخر عهد الصحابة - رضي الله عنهم - كبدعة القدرية والشيعة والخوارج لم يكن صحابيٌّ واحد من أولئك القوم أبدًا، وهذا دليل على أن الله اصطفاهم واختارهم لصحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم -» اهـ.

أيضًا فلا بد من الانتباه إلى أنه لا يلزم من العدالة العصمة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «كل ابن آدم خطَّاء» (٣)، وأخطاء الصحابة - رضي الله عنهم - مغمورة في بحور حسناتهم، وكانت قائمة على اجتهاد وتأويل، لم يقصدوا معصية ولا محض دنيا، وهؤلاء يصح القول في حقهم: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث».

وأما القول بأنه يلزم من العدالة أن يتساووا في المنزلة فهذا أيضًا غير صحيح ولا يلزم، قال تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (٤)، وإذا كان الأنبياء لا يتساوون في الفضل كما قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض} (٥)، فالصحابة - رضي الله عنهم - كذلك (٦).

[عقيدتنا في الصحابة]

يقول الإمام الطحاوي - رحمه الله - في عقيدته (٧): «ونحب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نفرط


(١) التوبة: ١٠٠
(٢) عثمان الخميس: حقبة من التاريخ، ص (١٦٠).
(٣) رواه الترمذي، كتاب صفة القيامة: ٢٤٩٩، وحسنه الألباني.
(٤) الحديد: ١٠
(٥) البقرة: ٢٥٣
(٦) عثمان الخميس: حقبة من التاريخ، ص (١٦٢) بتصرف.
(٧) العقيدة الطحاوية، ص (٢٧ - ٨).

<<  <   >  >>