للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[جيش التوابين]

بعد موت يزيد بن معاوية وفرار عبيد الله بن زياد، عم الاضطراب أنحاء البلاد، وشرع أنصار الحسين يتصلون ببعضهم البعض بهدف وضع خطة للثأر لدمه، إذ بعد استشهاده هزتهم الفاجعة، وندموا على تقاعسهم عن نصرته والدفاع عنه، معترفين بخطيئتهم بحماسة شديدة، لذلك لم يجدوا وسيلة يكفرون بها عن هذا التقصير، ويتوبون إلى الله بها من هذا الذنب الكبير سوى الثأر للحسين (١). وأخذوا يعقدون الاجتماعات برئاسة سليمان بن صرد الخزاعي - رضي الله عنه - لدراسة الموقف، وأسلوب العمل الذي سيتبعونه، وغلب على هذه الاجتماعات موضوع التوبة والغفران، ثم شرعوا في تجييش الناس، وخرج التوابون من معسكرهم في النخيلة في شهر ربيع الأول ٦٥هـ.

يقول ابن كثير رحمه الله (٢): «وقد كان سليمان بن صرد الخزرجي صحابيًا جليلًا نبيلًا عابدًا زاهدًا، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث فى الصحيحين وغيرهما وشهد مع علي صِفِّين، وكان أحد من كان يجتمع الشيعة في داره لبيعة الحسين، وكتب إلى الحسين فيمن كتب بالقدوم إلى العراق، فلما قدمها تخلوا عنه، وقُتِلَ بكربلاء بعد ذلك، ورأى هؤلاء أنهم كانوا سببًا في قدومه، وأنهم خذلوه حتى قتل هو وأهل بيته، فندموا على ما فعلوه معه، ثم اجتمعوا في هذا الجيش وسموا جيشهم جيش التوابين، وسموا أميرهم سليمان بن صرد أمير التوابين، فقُتِل سليمان - رضي الله عنه - في موقعة عين وردة سنة خمس وستين، وقيل سنة سبع وستين، والأول أصح، وكان عمره يوم قتل ثلاثًا وتسعين سنة رحمه الله» اهـ.


(١) د. علي الصلابي: خلافة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه -، ص (٩٤) بتصرف يسير.
(٢) ابن كثير: البداية والنهاية (٨/ ٢٥٥) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>