للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الارتباك المتزايدة أدت بالكثيرين إلى جعل الأمر الإلهي بالتبشير غير مسموع وغير مؤثر. وكثيرًا ما يُنظر إلى أي محاولة لإقناع الغير بالمسائل الإيمانية على أنه تعدٍّ على حريته»، كذلك نبهت الوثيقة إلى «أن مهمة الرسل التبشيرية وتلازمها مع مهمة الكنيسة المبكرة تظل دائمًا النموذج الأصلي للتبشير في كل العصور، فهي مهمة قد تتكلف الشهادة في سبيل الدين» (١).

فهل تدبر دعاتنا من أهل السنة هذه الأقوال؟ أم كان الجواب هو إتباع الرسالة بأخرى، إلى نفس الجهة، للتهنئة بميلاد المسيح - عليه السلام -؟! ورحمة الله على شيخنا الندوي!! (٢).

[مفهوم التقريب لدى مجلس الكنائس العالمي]

هذا باختصار فيما يتعلق بالعالم الكاثوليكي، ولكن الكيان الفاتيكاني كما أسلفنا الذكر هو كيان قديم متصدع، أنهكته الفضائح الأخلاقية المتوالية، فلا ينبغي إذن تعميم القول وتعليق الحكم على هذا الجانب فقط من العالم النصراني الذي لا يحكم قبضته على شعبه، وإنما لإعطاء صورة أشمل لا بد أن نتعرض ولو بشيء من الإجمال إلى الجانب الأخطر المتمثل فيما يعرف بمجلس الكنائس العالمي، والذي يمثل الطوائف النصرانية غير الكاثوليكية، ويتمتع بنفوذ واسع يضاهي نفوذ الفاتيكان، وتنضوي تحته جميع الكنائس الپروتستانتية والإنجليكانية والأرثوذكسية. وقد ولد المجلس نتيجة لتلاقح عدة اتجاهات في الحركة المسكونية العالمية Ecumenical Movement، منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر، بغية توحيد العمل التبشيري في البلدان غير النصرانية.

فبعد فترة حَمْلٍ دامت قرنًا كاملًا، تمخضت الحركة المسكونية عن ولادة مجلس الكنائس العالمي عام ١٩٤٧م. وقد انضمت الكنائس الأرثوذكسية إلى المجلس في مؤتمر نيودلهي New Delhi عام ١٩٦١م. أما الموقف الكاثوليكي للبابوية الرومانية فظل يصر على أنه ليس هناك سوى كنيسة واحدة، فلا مبرر إذن لطرح (اتحاد الكنائس)،


(١) انظر نص الوثيقة على موقع الفاتيكان الرسمي.
(٢) راجع كلامه في المقدمة.

<<  <   >  >>