وأن على المنشقين العودة إلى الكنيسة الأم (حظيرة بطرس). إلا أن البابا يوحنا الثالث والعشرين أرسل وفدًا مراقبًا إلى مؤتمر نيودلهي.
ولكن هذا التجمع المتعدد الأطراف والاتجاهات، لا يعتمد البناء التنظيمي الهيكلي الذي تسير عليه الكنيسة الكاثوليكية بدقة وتراتبية وصرامة، بل يكتفي باللقاء حول جوامع مشتركة في العمل التبشيري، وإصدار توصيات ليس لها صفة الإلزام.
وفيما يخص المساعي الحوارية التي نتناولها في هذا الفصل، نسجل الملاحظات الآتية، وهي (١):
أن قطب رحى هذا المجلس يدور حول هدفين بارزين:
- توحيد الكنائس النصرانية.
- تعزيز العمل التبشيري في العالم أجمع.
وقد فرض هذا الأخير على المجلس ضرورة دراسة العلاقة بالديانات العالمية الحية التي يحتك بأتباعها حيثما حلَّت إرسالياته في أي مكان في العالم، وواجه المجلس في مقابل ذلك الإشكالية ذاتها؛ إشكالية الحوار والبشارة، أو موقف النصرانية من الديانات الأخرى، وكيفية التعامل مع أتباعها، وحملت بذور الخلاف اللاهوتي العميق إلى ردهات المجلس الجديد ..
فلقد تبلور داخل أروقة مجلس الكنائس العالمي جراء مناقشة هذه الإشكالية ثلاثة تيارات:
- التيار الحصري الضيق: وهو الأكثر قوة وسيطرة؛ إذ أنه يستند إلى القناعة الثابتة بأن يسوع المسيح هو الطريق الوحيد للخلاص.
- الاتجاه الاشتمالي الاحتوائي: وقد قال أتباع هذا التيار بتأكيد الوجود والنشاط الخلاصي لله في جميع الأديان. وفي نفس الوقت بالتجلي أو التجسد الكامل والنهائي لله في يسوع المسيح وحده والمسيحية فريدة ونهائية، ولكن هذا لا يعني أن أعضاءها
(١) مستفاد من، د. أحمد القاضي: دعوة التقريب بين الأديان (٢/ ٤٦٣ - ٩٩)، مبحث: (حقيقة التقريب بين الأديان عند مجلس الكنائس العالمي)، باختصار وتصرف.