دين الله الحق، فهذا لا يصح، ومن يقرأ التاريخ يدرك حقيقة الأمر، وقد تناولنا هذه المسألة في الفصل السابق ..
إذن، فوفق تصوُّر چبّ وملاحظة الخبراء العسكريين، لا بد من إجراء بعض التعديل المرحلي في المسار الاستشراقي، مع إبقاء العمل بالمسار الاستعماري التقليدي حسبما تقتضي الحاجة، كما هو حادث في العراق وغيرها، وذلك من باب إبقاء الهيمنة الغربية وإحكام القبضة على العالم الإسلامي وثرواته.
[حرب الأفكار: معركة القلوب والعقول]
وهذا التعديل في المسار تتكشَّف معالمه في عدة أمور، ولعل من أوضح ما وقفت عليه رسالة أرسل بها عضو الكونجرس الأمريكي توم لانتوس Tom Lantos (١٩٢٨ - ٢٠٠٨ م) إلى وزير الخارجية السابق كولين پاول Colin Powell في عام ٢٠٠٢م، حيث عرَّف هذا المسار الجديد بـ «معركة القلوب والعقول Fight for Hearts and Minds الطويلة الأمد في الحرب العالمية ضد الإرهاب» (١). كذا عرَّفه دونالد رمسفلد في حواره مع جريدة (واشنطن تايمز Washington Times) في يوم الجمعة ٢٤ أكتوبر ٢٠٠٣م، بكونه «حرب أفكار War of Ideas» ..
لم يكن هذا المسلك بالأمر المبتدع؛ فلقد سلكته الولايات المتحدة قبل ذلك في حربها الباردة ضد الشيوعية السوفيتية، وكما يذكر توم لانتوس في رسالته المتقدمة أن هذا المسلك كان «عاملًا رئيسًا في تقويض الاتحاد السوفيتي من الداخل». إذن فهي طريقة مجرَّبة وفعالة! ولكن هناك فرق؛ فالسوفيت، كما يذكر الصحافي الأمريكي توماس فريدمان، «كانوا يحبون الحياة أكثر من كرههم لنا، وبغض النظر عن الخلافات بيننا، كنا نتفق على قواعد أساسية للحضارة»، أما مع التيار الأصولي الإسلامي، فـ «نحن نواجه
(١) See, Cheryl Benard: Civil Democratic Islam: Partners, Resources, and Strategies, p(٦٦)