للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك مساعي الصهيوني غير اليهودي، عضو الپرلمان الإنجليزي، وأحد أصدقاء لورد شافتسبري المقربين لورانس أوليفانت Laurence Oliphant (١٨٢٩ - ١٨٨٨ م)، ولكن تلك لم تكن القاعدة العامة، إلى أن ظهر على الساحة السياسية اليهودي النمساوي-المجري، ثيودور هرتزل، ليقدم الحل للإشكالات الحادثة بين الفريقين ..

[هرتزل: ترجمة]

وُلد ثيودور هرتزل عام ١٨٦٠م لأب تاجر ثري. وكان يحمل ثلاثة أسماء، أهمها اسمه الألماني ثيودور، وثانيها اسمه العبري بنيامين زئيف Benjamin Ze'ev، وثالثها اسمه المجري تيفادار Tivadar. والتحق ثيودور الصغير بمدرسة يهودية وعمره ست سنوات لمدة أربعة أعوام انقطعت بعدها علاقته بالتعليم اليهودي. ولذا، لم يُقدَّر له أن يدرس العبرية، بل لم يكن يعرف الأبجدية نفسها. والتحق بعد ذلك بمدرسة ثانوية فنية، ومنها التحق بالكلية الإنجيلية عام ١٨٧٦م وعمره خمسة عشرة سنة (أي أنه التحق بمدرسة مسيحية پروتستانتية، ولعله تَلقَّى تعليمًا دينيًا مسيحيًا هناك)، وأنهى دراسته عام ١٨٧٨م. ثم التحق بجامعة فيينا وحصل على دكتوراة في القانون الروماني عام ١٨٨٤م وعمل بالمحاماة لمدة عام، ولكنه فضل أن يكرس حياته للأدب والتأليف. ومع هذا، ظلت عقليته أساسًا عقلية قانونية تعاقدية.

وكان هرتزل يرفض الدين اليهودي والتقاليد الدينية اليهودية. والواقع أن زوجته كان مشكوكًا في يهوديتها، وقد رفض حاخام فيينا إتمام مراسم زواج هرتزل لها حينما اكتشف ذلك. كما أن هرتزل لم يُخَتِّن أولاده وقد تنصر معظمهم بعد وفاته. ولم يكن الطعام الذي يُقَدَّم في بيته (كوشير Kosher) أي مباحًا شرعًا، وكان يحتفل بعيد الميلاد (الكريسماس).

ومن الناحية الثقافية، فإن هرتزل كان ابن عصره، يجيد الألمانية والمجرية والإنجليزية والفرنسية. ويبين أحد مؤرخي الحركة الصهيونية أن اتخاذ هرتزل دور الداندي Dandy (أي الوجيه الذي يبالغ في الأناقة) وتَظاهُره بأنه من الأرستقراطيين هو القناع الذي كان يختبئ وراءه ليهرب من هويته اليهودية. وكان هرتزل لا يعرف العبرية، وقد تساءل علنًا وبسخرية (في المؤتمر الصهيوني الثالث ١٨٩٩م) عما يُسمَّى بـ (الثقافة اليهودية). وحينما

<<  <   >  >>