للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يهوه، طبقًا لعقيدتكم، وافعلوا ذلك في العلن وافعلوه إلى الأبد.

بوناپارت" (١).

وهكذا تجيء (ورقة ناپليون) اليهودية تصورًا للمستقبل ورؤية - ولكنها لم تكن (رؤية نبي)، وإنما كانت رؤية إمپراطور يملك حسًّا استراتيچيًا نابهًا وبعيدًا -، وربما لا تتحقق بسرعة، لكنها قابلة للتحقيق في مستقبل الأيام، وبها قد ينشأ وطن يهودي يكون ضمانًا إضافيًا إذا أمكن، ويكون عازلًا إذا اقتضت الضرورات! وفي صياغتها فإن صاحبها استخدم مطالب الإمپراطورية ودروس التاريخ والأسطورة الدينية القديمة وحوَّلها إلى استراتيچية.

والثابت أن ناپليون لم يتخل عن تقديراته الاستراتيچية حتى بعد أن اضطر إلى التسلل ليلًا من مصر والعودة إلى فرنسا، وراح يواصل من پاريس صراعه للسيطرة على أوروپا، إلى حيث تحمله جياده وتصل مرامي مدافعه! (٢).

...

[إنجلترا تتلقف الراية]

إن عجلة التاريخ لم يتوقف دورانها، ولقد استطاعت بريطانيا دحر خطط ناپليون، واستفتحت بتدمير الأميرال هوراشيو نيلسون Horatio Nelson (١٧٥٨ - ١٨٠٥ م) لأسطول ناپليون عند مصب النيل في معركة أبي قير (١ - ٢ أغسطس ١٧٩٨م)، وختمت


(١) تقول باربرا تخمان: «هذا الإعلان لم يعثر عليه أبدًا، وإنما بقي محتواه غير معلوم حتى وجدت نسخة منه مترجمة إلى الألمانية، ووجدت طريقها إلى النور عام ١٩٤٠م في أرشيف عائلة فينيسية ذات أصل يهودي كانت مع ناپليون في حملته. وحتى حينه كانت فكرة وجود الإعلان معروفة فقط عن طريق ذكرها في (لومونيتور Le Moniteur) عدد مايو ١٧٩٩م، وهي السجل الفرنسي الرسمي ... وربما يكون [ناپليون] قد مزق النص الأصلي لوعده العظيم لليهود في خضم مرارته، وبلا شك فقد حاول أن يغطي الموضوع كله لرفضه أن يذكِّره شيء بالمغامرة المهينة» اهـ[باربرا تخمان: الكتاب المقدس والسيف (٢/ ٢٣، ٢٨)].
(٢) مستفاد من: محمد حسنين هيكل: المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل (١/ ٢٩ - ٣٧) باختصار وتصرف.

<<  <   >  >>