ولد مارتن لوثر في العاشر من نوفمبر عام ١٤٨٣م في إيسليبن Eisleben بألمانيا، ونشأ في بيئة كاثوليكية تعج بالخرافات والاعتقادات الزائفة. درس القانون في جامعة إرفورت Erfurt، ولكنه لم يتم دراسته التي رغب فيها والده واتجه إلى الدراسات اللاهوتية، والتحق بدير الرهبان الأوغسطينيين في إرفورت عام ١٥٠٥م حتى عيِّن قسيسًا بعدها بعامين. وفي عام ١٥٠٨م بدأ في تدريس اللاهوت في جامعة فتنبرج Wittenberg، والتي أنشأها فريديريك الثالث أمير ساكسونيا Frederick III (١٤٦٣ - ١٥٢٥ م) وصارت فيما بعد المهد الأساسي للتعاليم اللوثرية.
وفي عام ١٥١٠/ ١٥١١م دفعته نزعته الدينية وإخلاصه للكنيسة ورجالها إلى أن يحج إلى روما ليتبرك بالمقر الرسولي بها، إذ منَّى نفسه برؤية القديسين والزهاد من الرهبان والكرادلة. ولكن ما إن حل في روما حتى هاله ما رأى من دعاوى غفران الذنوب، وامتلاك سر التوبة، وحق منح صكوك الغفران، وتفشي مظاهر الفساد والانحلال الخلقي في الطبقات العليا من الكنيسة بوجه أخص. ومن ثم عاد إلى ألمانيا خائبًا رجاؤه، ومستنكرًا ما رأى، وصار منشغلًا بإصلاح هذا الوضع المتردي.
ولقد بلغ الأمر مداه حينما أراد البابا ليو العاشر في عام ١٥١٦م أن يعيد بناء كنيسة بطرس في روما، وكان ذلك يتطلب مقدارًا من المال غير يسير، فقرر أن يجمعه من صكوك الغفران ببيعها، وأرسل مندوبه الراهب يوحنا تتسل Johann Tetzel (١٤٦٥ - ١٥١٩ م) لبيعها في ألمانيا، فما أن أخذ يعلن عنها حتى ثارت ثائرة لوثر، وكتب في أكتوبر عام ١٥١٧م رسالة إلى المطران ألبرخت Albrecht von Barndenburg (١٤٩٠ - ١٥٤٥ م) أبدي فيها استياءً شديدًا من هذا الأمر، وأرفق بها نسخة من وثيقته الشهيرة التي تتضمن خمسة وتسعين مبدأ في معارضة الكنيسة ٩٥ Thesen، والتي من أهمها:
- جعل الخضوع التام الواجب على المسيحي لنصوص الكتاب المقدس وحدها، بعد