للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الثورة الخمينية وولاية الفقيه]

ظل الرافضة يعيشون بمفهوم هذا (الانتظار السلبي) إلى أن قام الهالك الخميني بثورته «الإسلامية»، وذلك في عام ١٣٩٩هـ/١٩٧٩م، والتي أطاحت بنظام الشاه محمد رضا البهلوي (١٩١٩ - ١٩٨٠م) التغريبي الفاسد، في أحداث دموية مريرة راح ضحيتها ألوف مؤلفة (١)، وفي هذه الفترة أصدر الخميني كتابه (الحكومة الإسلامية)، الجامع لسلسلة محاضرات ألقاها في أوائل عام ١٩٧٠م، والتي روج فيها إلى نظرية (ولاية الفقيه).

ركز الخميني في كتابه على قضية واحدة، خلاصتها أن الحكم محصور في الأئمة وهم اثنا عشر إمامًا، وكل من نازعهم الحكم فهو ظالم. وبما أن الأئمة لم يستمر وجودهم، وتوقف ظهورهم باختفاء الإمام الثاني عشر وإعلان الغيبة الكبرى، فإنه يرى أن لا يتوقف النضال من أجل تسلم الحكم، ويرى أن الأشخاص الذين يناط بهم قيام الدولة هم فقهاء الشيعة الذين رووا أحاديث الأئمة وعلموا علمهم دون سواهم.

وهو في ذلك يُخَطِّئ من يرى من الشيعة أن من الواجب انتظار الإمام الغائب بدون مجاهدة لتسلم الحكم، ويستدل على هذا ببعض الأدلة العقلية وبعض النصوص في كتب الشيعة، مثل ما تقدم ذكره: «وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله» (٢)، الأمر الذي يجعل حال عوام الشيعة مع فقهائهم حال العبيد مع السادة.

وما أشبه ما أحدثته الخمينية الصفوية بما ابتدعته الهرتزلية الصهيونية! ولا عجب، فقد {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} (٣)؛ ولقد عقد الدكتور حاجي رام Haggai Ram أستاذ التاريخ في جامعة بن جوريون مقارنة بين الصهيونية والخمينية في مقابلة له مع صحيفة (هآرتس) (الملحق الأسبوعي ١٥/ ٣/١٩٩٦م)، قال فيها: «لقد وُجِدَت الأسطورة الشيعية حول عودة الإمام المنتظر الثاني عشر، في آخر الزمان، من أجل تشجيع وتخليد السلبية، وهذه الأسطورة لا تختلف عن الفهم اليهودي المهجري الذي ينكر استعجال


(١) راجع في ذلك، موسوعة ويكيپيديا، مادة: الثورة الإيرانية الإسلامية.
(٢) الخميني: الحكومة الإسلامية، ص (٧٧)، وأصله في: إكمال الدين وإتمام النعمة (٢/ ٤٨٤).
(٣) البقرة: ١١٨

<<  <   >  >>