للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكثير من الحركات الهدامة، على اختلاف اتجاهاتها العقائدية والفكرية، فهو تصديق لقول الله - جل جلاله -: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} (١)، ولقوله تعالى كذلك: {وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} (٢)، فهم يسعون في الأرض فسادًا، ولكن سعيهم شتَّى!

وإذا صحت الكثير من الوقائع التي يذكرها أصحاب الرؤى الاختزالية للتدليل على نظرياتهم، فكما يقول الدكتور المسيري (٣): «ومعظم الحقائق التي يأتي بها الاختزاليون حقائق موضوعية ووقائع ثابتة حدثت تحت سمع الناس وبصرهم، فهم لا يختلقون الحقائق (في أغلب الأحيان) وإنما يجتزئونها، ولكن كثيرًا ما تكون الحقائق التي يذكرونها تافهة هامشية جزئية لا علاقة لها بالحقيقة الكلية (ولذا فهي تُسمَّى بالإنجليزية: True Lies أكاذيب حقيقية)، أي كلمة حق جزئي يُراد بها باطل كلي» اهـ.

...

[الاستمرار اليهودي من منظور إسلامي]

نتفرع هنا إلى مسألة أخرى، وهي إشكالية (الاستمرار اليهودي من منظور إسلامي)، والتي يطرحها الدكتور المسيري في موسوعته، وقد نختلف معه فيها كثيرًا. ولكن نشير هنا فقط إلى ما يتعلق مباشرة بموضوعنا، وهو قوله في المجلد الرابع تحت عنوان (الاستمرار اليهودي: منظور إسلامي): «من المفاهيم الصهيونية المحورية مفهوم الاستمرار اليهودي، ويُقصَد به أن ثمة استمرارية في الصفات الأساسية (الثقافية والدينية بل والعرقية أحيانًا) التي تسم أعضاء الجماعات اليهودية وتفصلهم عن غيرهم من الشعوب والجماعات. وانطلاقًا من هذه الاستمرارية يرى المؤمنون بها أن كلمة (يهودي) تشير إلى يهود العالم في الحاضر والماضي والمستقبل، وأن كلمة (يهودية) تشير إلى نظامهم العقدي، وكأن سمات اليهود الثقافية لم يطرأ عليها أي تَغيُّر جوهري، وكذلك


(١) المائدة: ٦٤
(٢) المائدة: ٣٢
(٣) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (١/ النموذج الاختزالي والنموذج المركب).

<<  <   >  >>