للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - إن ما يُعرَف عن كعب الأحبار من دينه وخلقه وأمانته وتوثيق أكثر أصحاب الصحاح له، يجعلنا نحكم بأن القصة موضوعة عليه، ونحن ننزه كعبًا أن يكون شريكًا في قتل عمر، أو يعلم من يدبر أمر قتله ثم لا يكشف لعمر عنه، كما ننزهه أن يكون كذابًا وضاعًا، يحتال على تأكيد ما يخبر به من مقتل عمر نسبته إلى التوراة وصوغه في قالب إسرائيلي.

٤ - يضاف إلى هذا أن جمهور المؤرخين لم يذكروا القصة، بل لم يشيروا إليها، فابن سعد في الطبقات لم يشر قط إلى الحادثة، كذلك ابن عبد البر في الاستيعاب، والسيوطي في تاريخ الخلفاء، وغيرهم .. وقال الحافظ ابن كثير إن وعيد أبي لؤلؤة كان يوم الثلاثاء عشية وطعنه صبيحة الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة (١)، لم يكن إذن بين التهديد والتنفيذ سوى ساعات معدودات، فكيف ذهب كعب الأحبار إلى عمر؟ وقال له ما قال: اعهد فإنك ميت في ثلاثة أيام، من أين لكعب هذه الأيام الثلاثة إذا كان التهديد في الليل والتنفيذ صبيحة اليوم التالي؟

أليس هذا دليلًا على أن القصة لم تثبت بصورة تجعل المحقق يطمئن إلى ذكرها هذا إذا لم تكن منتحلة مصنوعة كاد بها بعض الناس لكعب لينفروا منه المسلمين، وهذا ما تطمئن إليه النفس ويميل إليه القلب، وبخاصة بعد ما عرفنا أن كعبًا كان حسن الإسلام، وكان محل ثقة كثير من الصحابة حتى رووا عنه حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

...

[جذور البلاء]

في كتب التاريخ الإسلامي - المصادر القديمة - روايات مختلفة عن نشاط سري لأفراد وجماعات من الموالي أظهروا الإسلام وأخفوا معتقداتهم القديمة بغية تحطيم


(١) ابن كثير: البداية والنهاية (٧/ ١٣٧).
(٢) د. علي الصلابي: فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ص (٦٦٣ - ٧) باختصار وتصرف.

<<  <   >  >>