للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- - {مدخل} - -

«إن لم يجد العقل الإنساني نموذجًا تفسيريًا ملائمًا لواقعة ما، فإنه يميل إلى اختزالها وردِّها إلى أياد خفية تُنسَب إليها كافة التغييرات والأحداث» [المسيري] (١)

منذ قرابة أربع سنوات، فرغت من إعداد مسودة هذا البحث، وأذكر أني حينها شعرت وكأني قد قدمت ما لم يسبقني إليه أحد فيما يخص كشف المؤامرة اليهودية (المشَّيحانية) الساعية في إقامة مُلك المسيح المنتظر (ابن داود) (٢) الذي ستنقاد إليه جميع الأمم (٣)؛ بدءًا بمحاولة (القوة الخفية) قتل المسيح ابن مريم - عليه السلام - الذي دعاهم إلى مملكة روحية ليست من هذا العالم (٤)، وما تبع ذلك من فتن ومؤامرات أحدثوها في مشارق الأرض ومغاربها اتفقت في غايتها وإن لم تتفق في التدبير - على قول البعض - (٥)، وما تمخضت عنه من ميلاد للدولة الصهيونية اللقيطة في الرابع عشر من مايو عام ١٩٤٨م، تحقيقًا لوعد الرب: «سأخلِّص شعبي من أرض المشرق ومن أرض مغرب الشمس. وأجيء بهم فيسكنون في وسط أورشليم ويكونون لي شعبًا وأكون لهم إلهًا بالحق والصدق» (٦)، ممهدين بذلك الطريق لقدوم مسيحهم الدجال، «شر غائب يُنتظَر» (٧)،

والذي سيقود شعبه


(١) د. عبد الوهاب المسيري: اليد الخفية، ص (١١).
(٢) انظر، أشعياء ١١: ١، وإرميا ٢٣: ٥ - ٦
(٣) انظر، أشعياء ٢: ٢ - ٤
(٤) يوحنا ١٨: ٣٦
(٥) وعلى قول البعض الآخر أنها اتفقت في التدبير أيضًا.
(٦) زكريا ٨: ٧ - ٨
(٧) جزء من حديث رواه الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بادروا بالأعمال سبعًا، هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا، أو غنى مطغيًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفندًا، أو موتًا مجهزًا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمَر» [الترمذي، كتاب الزهد: ٢٣٠٦، وضعفه الألباني]. فائدة: يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله (٧٧٣ - ٨٥٢هـ): «من قال [المسيخ] بالخاء المعجمة صحَّف .... وبالغ القاضي ابن العربي فقال: ضل قوم فرووه (المسيخ) بالخاء المعجمة، وشدد بعضهم السين ليفرقوا بينه وبين المسيح عيسى ابن مريم بزعمهم، وقد فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما بقوله في الدجال (مسيح الضلالة)، فدل على أن عيسى ابن مريم مسيح الهدى، فأراد هؤلاء تعظيم عيسى، فحرفوا الحديث» اهـ[ابن حجر: فتح الباري (١٣/ ٩٤)]. وأخذًا بهذا القول أشير إلى أن استخدامي للفظة (ماشَّيح/مسيا Messiah) - وسيأتي الحديث عنه - إنما هو من باب تعريب الكلمة العبرية ليس أكثر، ولقد أثبتُّه هكذا كما ورد بالأصل الذي أنقل عنه أمانةً في النقل لا بقصد التمييز.

<<  <   >  >>