للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأصابع الخفية المؤسسة لعقيدة الشيعة الإمامية]

ونحن هنا، والكلام يدور حول التسمية، يفرض علينا سؤال نفسه، والذي يتبين لنا بالإجابة عليه بعض الأصابع الخفية المؤسسة لعقيدة الشيعة الإمامية:

والسؤال هو: لماذا الإمام علي - رضي الله عنه - وآل بيته؟

ولقد أجاب المستشرق الهولندي ريَنْهارت دوزي Reinhart Dozy (١٨٢٠ - ١٨٨٣ م) عن هذا بقوله: «كانت الشيعة في حقيقتها فرقة فارسية، وفيها يظهر أجلى ما يظهر ذلك الفارق بين الجنس العربي، الذي يحب الحرية، وبين الجنس الفارسي الذي اعتاد الخضوع كالعبيد. لقد كان مبدأ انتخاب خليفة للنبي أمرًا غير معهود ولا مفهوم، لأنهم لم يعرفوا غير مبدأ الوراثة في الحكم، لهذا اعتقدوا أنه ما دام محمد [- صلى الله عليه وسلم -] لم يترك ولدًا يرثه، فإن عليًا هو الذي كان يجب أن يخلفه وأن الخلافة يجب أن تكون وراثية في آل علي. ومن هنا فإن جميع الخلفاء - ما عدا عليًا - كانوا في نظرهم مغتصبين للحكم لا تجب لهم طاعة. وقوَّى هذا الاعتقاد عندهم كراهيتهم للحكومة وللسيطرة العربية، فكانوا في الوقت نفسه يلقون بأنظارهم النهمة إلى ثروات سادتهم. وهم قد اعتادوا أيضًا أن يروا في ملوكهم أحفادًا منحدرين من أصلاب الآلهة الدنيا، فنقلوا هذا التوقير الوثني إلى علي وذريته. فالطاعة المطلقة للإمام الذي من نسل علي كانت في نظرهم الواجب الأعلى، حتى إذا ما أدى المرء هذا الواجب، استطاع بعد ذلك بغير لائمة ضمير أن يفسر سائر الواجبات والتكاليف تفسيرًا رمزيًا وأن يتجاوزها ويتعداها. لقد كان الإمام عندهم هو كل شيء، إنه الله قد صار بشرًا! فالخضوع الأعمى المقرون بانتهاك الحرمات ذلك هو الأساس في مذهبهم» (١).

وسوف يتضح هذا أكثر عند حديثنا عن اعتقاد الشيعة في أئمتهم.

يقول محمد سرور بن نايف (٢): «الزعامة الدينية في بلاد فارس كانت تتمثل في قبيلة


(١) إحسان إلهي ظهير: الشيعة والتشيع، ص (١٧٢ - ٣)، نقلًا عن: مقالات في تاريخ الإسلام، لدوزي.
(٢) محمد سرور بن نايف زين العابدين (عبد الله الغريب): وجاء دور المجوس، ص (٢٢، ٣٩، ٦١ - ٢) بتصرف.

<<  <   >  >>