للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من القبائل، فالسيطرة الدينية قديمًا كانت لقبيلة (ميديا)، وفي عصر أتباع زرادشت [؟ ق. م] أصبحت السيطرة لقبيلة (المغان). ورجال القبيلة الدينية هم ظل الله في الأرض، وقد خلقوا لخدمة الآلهة، والحاكم يجب أن يكون من هذه القبيلة، وتتجسد فيه الذات الإلهية، وتتولى هذه العائلة شرف سدانة بيت النار. إن عبادة الله عن طريق القبيلة هو الذي دفع الفرس إلى التشيع لآل البيت، لا حبًا بآل البيت ولكن لأن هذا التصور يلائم عقيدة المجوس، ففي تشيعهم لآل البيت إحياء لعقائد زرادشت وماني [ت. ٢٧٣م] ومزدك [ت. ٥٢٩م]، وكل الذي فعلوه أنهم استبدلوا المغان بآل البيت، وقالوا للناس بأن آل بيت رسول الله هم ظل الله في الأرض، وأن أئمتهم معصومون، وتتجلى فيهم الحكمة الإلهية. لكن لا بد لنا من التفريق بين الفرس المجوس الذين كادوا للإسلام وتآمروا عليه، والفرس الذين دخلوا في دين الله، وحسن إسلامهم، وذادوا عن الإسلام بسيوفهم وعلمهم ومالهم، فكان على رأسهم الصحابي الجليل سلمان - رضي الله عنه - وغيره من أعلام السلف. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "كنا جلوسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزلت عليه سورة الجمعة {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}، قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثًا وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على سلمان، ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء"» اهـ (١).

قلت: ولقد جاء في كتب الشيعة المعتبرة ما يدل على ذلك، منها:

- تكفيرهم للصحابة - رضي الله عنهم - إلا عدد قليل مختلف فيه، ومن بينهم سلمان الفارسي - رضي الله عنه - (٢).

- اعتقادهم أن النار محرمة على كسرى ملك الفرس؛ حيث روى المجلسي عن عمار الساباطي قوله: «قدم أمير المؤمنين - عليه السلام - المدائن فنزل بإيوان كسرى، وكان معه دلف بن مجير ... ثم نظر - عليه السلام - إلى جمجمة نخرة ... ودعا بطشت فيه ماء، فقال للرجل: دع هذه الجمجمة في الطشت، ثم قال: أقسمت عليك يا جمجمة لتخبريني من أنا ومن أنت؟


(١) الحديث رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن: ٤٨٩٧
(٢) انظر، الكليني: الروضة من الكافي (٨/ ٢٤٥) رقم: ٣٤١، وسنذكر نص الرواية في حديثنا عن عقيدة الشيعة في أهل السنة.

<<  <   >  >>