للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالت الجمجمة بلسان فصيح: أما أنت فأمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين، وأما أنا فعبد الله، وابن أمة الله كسرى أنوشيروان، فقال له أمير المؤمنين - عليه السلام -: كيف حالك؟ قال: يا أمير المؤمنين، إني كنت ملكًا عادلًا شفيقًا على الرعايا رحيمًا، لا أرضى بظلم، ولكن كنت على دين المجوس، وقد ولد محمد صلى الله عليه وآله في زمان ملكي، فسقط من شرفات قصري [ثلاث] وعشرون شرفة ليلة ولد، فهممت أن أومن به من كثرة ما سمعت من الزيادة من أنواع شرفه وفضله ومرتبته وعزه في السماوات والأرض ومن شرف أهل بيته، ولكني تغافلت عن ذلك وتشاغلت عنه في الملك، فيا لها من نعمة ومنزلة ذهبت مني حيث لم أومن، فأنا محروم من الجنة بعدم إيماني به، ولكني مع هذا الكفر خلصني الله تعالى من عذاب النار ببركة عدلي وإنصافي بين الرعية، وأنا في النار والنار محرَّمة عليَّ، فواحسرتاه لو آمنت، لكنت معك يا سيد أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله ويا أمير أمته» (١).

- ما رواه المجلسي أن «القائم [أي المهدي] يسير في العرب بما في الجفر الأحمر ... فأمر أصبعه على خلقه فقال هكذا، يعني الذبح» (٢)، وروى: «ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح» (٣)، وروى أيضًا: «اتق العرب فإن لهم خبر سوء، أما إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد» (٤). ولماذا يُعمِل المهدي سيفه في العرب؟ أليس الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأمير المؤمنين وذريته من العرب؟! أم إنها العصبية الفارسية تجاه العرب.

- اتخاذهم من يوم مقتل عمر - رضي الله عنه - عيدًا، ولقد رووا أحاديث في فضل ذلك اليوم، منها ما رواه المجلسي ونعمة الله الجزائري عن أبي الحسن العسكري أنه قال: «ولقد حدثني أبي - عليه السلام - أن حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم [أي الموافق ليوم مقتل عمر - رضي الله عنه -] على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله (٥)،

قال حذيفة: رأيت أمير المؤمنين - عليه السلام -


(١) المجلسي: بحار الأنوار (٤١/ ٢١٣ - ٤) باختصار.
(٢) السابق (٥٢/ ٣١٣).
(٣) السابق (٥٢/ ٣٤٩).
(٤) السابق (٥٢/ ٣٣٣).
(٥) فائدة: يقر الرافضة في كتبهم بأن ليس لهم أسانيد صحيحة متصلة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيروي الكليني عن محمد بن الحسن قوله: «قلت لأبي جعفر الثاني: جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم ترو عنهم، فلما ماتوا صارت الكتب إلينا، فقال: حدثوا بها فإنها حق» [الكليني: الأصول من الكافي (١/ ٥٣)]، كما يقر بذلك الحر العاملي (١٠٣٣ - ١١٠٤هـ) فيقول: «... والفائدة في ذكره [أي السند] مجرد التبرك باتصال سلسلة المخاطبة اللسانية، ودفع تعيير العامة [أي أهل السنة] الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة، بل منقولة من أصول قدمائهم» [الحر العاملي: وسائل الشيعة (٣٠/ ٢٥٨)، وانظر الفائدة التاسعة (٣٠/ ٢٥٠ - ٦٥)]. يقول الدكتور ناصر القفاري: «بدأ الشيعة في عصر ابن المطهر يحاولون وضع مقاييس لنقد الحديث عندهم وتقسيمه إلى صحيح وغيره. وفي ظني أن من أسباب هذا الاتجاه هو النقد الموجه لهم من ابن تيمية وغيره في هذا، ومما يشعر بهذا هو التوافق الزمني بين رد ابن تيمية [أي في منهاج السنة] ووضعهم لهذا الاصطلاح، وهذه مسألة مهمة لم أر من نبه عليها» [القفاري: مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (١/ ٢٧٩)] .. علمًا بأنه لم يكن معهودًا عند الصحابة وأوائل التابعين - أي في مجتمع ساد فيه الصدق والعدالة - علم الأسانيد والروايات، وإنما، وكما قال ابن سيرين، «لما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم» اهـ[انظر: تاريخ الطبري (٨/ ٣٥٣)، أحداث سنة ١٩٤].

<<  <   >  >>