للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسًا: انبثق من خلال عقيدة التقية مبدأ أن ما خالف العامة - أي أهل السنة - هو الحق، حتى إنهم جعلوا من معالم التعرف على الحق - في نظرهم - عند اختلاف رواياتهم معرفة ما عليه أهل السنة وأن يكون مجتهدهم على دراية بذلك ليتسنى له الأخذ بخلافه، فإذا اختلفت أحاديثهم فالحق هو ما فيه خلاف العامة، وإذا أفتى عالم أهل السنة بفتوى فالحق في خلافها (١).

وهكذا أراد مؤسسو هذا المذهب الانفصال عن جماعة المسلمين والنأي بالشيعة عن حقيقة الإسلام، ولهذا حملوا كل ما في مذهبهم من نصوص توافق الأمة حملوها على التقية وجعلوا علامة إصابة الحق تتمثل في مخالفة العامة - أهل السنة -» اهـ.

...

[عقيدة البداء]

من أصول اعتقاد الشيعة الإمامية القول بالبداء على الله - سبحانه وتعالى -. وتعريف البداء في اللغة كما قال ابن منظور (٢): «الأمرُ يبدُو بَدْوًا وبُدُوًّا وبَدَاءً وبَدَاءةً: ظهر، وبدا له في الأمر بَدْوًا وبَدَاءً وبَدَاةً: نشأ له فيه رأي غير رأيه الأول فصرفه عنه» اهـ.

فالبداء في اللغة كما ترى له معنيان:

الأول: الظهور بعد الخفاء. تقول بدا سور المدينة أي: ظهر.

والثاني: نشأة الرأي الجديد.

وكلا المعنيين وردا في القرآن الكريم، فمن الأول قوله تعالى: {وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ} (٣)، ومن الثاني قوله: {ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} (٤).


(١) ومن ذلك ما رواه المجلسي عن علي بن أسباط، قال: «قلت للرضا - عليه السلام -: يحدث الأمر لا أجد بدًا من معرفته، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك، قال: فقال - عليه السلام -: إيت فقيه البلد [يعني من أهل السنة] فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإن الحق فيه». [المجلسي: بحار الأنوار (٢/ ٢٣٣)].
(٢) ابن منظور: لسان العرب (١/ ٢٧)، مادة: (ب د ا).
(٣) البقرة: ٢٨٤
(٤) يوسف: ٣٥، د. ناصر القفاري: أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية (٢/ ٩٣٨) بتصرف.

<<  <   >  >>