للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعدد الشهرستاني صور البداء كالآتي (١):

- البداء في العلم: وهو أن يظهر له خلاف ما علم.

- البداء في الإرادة: وهو أن يظهر له الصواب على خلاف ما أراد وحكم.

- البداء في الأمر: وهو أن يأمر بشيء ثم يأمر بعده بخلاف ذلك.

وكما يتبين أن البداء بالمعاني المتقدمة يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم، وهذا محال على الله سبحانه، ونسبته إلى الله سبحانه من أعظم الكفر.

والبداء على الله - سبحانه وتعالى - هي إحدى العقائد التي وضعها أئمة الرافضة لشيعتهم حتى يتمكنوا من التحليل والتحريم كيفما شاءوا، عملًا بقاعدتهم المعروفة: «إذا استحسنَّا شيئًا جعلناه حديثًا»، وكي لا يظهر على أئمتهم كذب أبدًا، فهم إذا نسبوا إلى الأئمة أخبارًا لم تقع قالوا هذا من باب البداء.

والبداء مقتبسة من عقيدة يهودية ضالة وردت في كتبهم المحرفة، كما جاء بسفر التكوين في ذكر قوم نوح - عليه السلام -: «فندم الرب أنه صنع الإنسان على الأرض وتأسف في قلبه. فقال الرب: أمحو الإنسان الذي خلقت عن وجه الأرض، هو والبهائم والدواب وطيور السماء، لأني ندمت أني صنعتهم» (٢)، وجاء بسفر صموئيل الثاني: «ومد الملاك يده على أورشليم ليدمرها، فندم الرب على هذه الضربة وقال للملاك الذي كان يميت الشعب: كفى، كف الآن يدك» (٣).

بل كما قالوا - لعنهم الله - في تلمودهم: «إن القمر خطَّأ الله - جل جلاله - فقال له: أخطأت حيث خلقتني أصغر من الشمس. فأذعن الله لذلك واعترف بخطئه، وقال: اذبحوا لي ذبيحة أكفِّر بها عن ذنبي لأني خلقت القمر أصغر من الشمس» (٤)، وغير ذلك الكثير ...


(١) الشهرستاني: المِلَل والنِحَل (١/ ١٤٨ - ٩).
(٢) التكوين ٦: ٦ - ٧
(٣) صموئيل الثاني ٢٤: ١٦
(٤) أيضًا، قالوا: إن الله - تعالى عما يقولون - ليس معصومًا من الطيش، لأنه حالما يغضب يستولي عليه الطيش، كما حصل ذلك منه يوم غضب على بني إسرائيل وحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم على ذلك بعد ذهاب الطيش منه، ولم ينفذ ذلك اليمين، لأنه عرف أنه فعل فعلًا ضد العدالة. وقالوا قاتلهم الله: «إن الله إذا حلف يمينًا غير قانونية احتاج إلى من يحلُّه من يمينه، وقد سمع أحد العقلاء من الإسرائيليين الله تعالى يقول: من يحللني من اليمين التي أقسمت بها؟ ولما علم باقي الحاخامات أنه لم يحلله منها اعتبروه حمارًا، لأنه لم يحلل الله من يمينه. ولذلك نصبوا ملكًا بين السماء والأرض اسمه (مي) لتحليل الله من أيمانه ونذوره عند اللزوم»!! [انظر، د. يوسف نصر الله: الكنز المرصود في قواعد التلمود، ص (٥٦ - ٧)].

<<  <   >  >>