للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلاص ... والثورة التي بدأت بإقامة الحركة الصهيونية تشابه الثورة التي حدثت في صفوف الشيعة؛ ينبغي عدم الانتظار وترك العالم يمتلئ بالشر، وينبغي على المجتمع أن يقرر مصيره بيده. إن النشاطات الثورية في إيران أو نشاطات استيطان (أرض إسرائيل) على أيدي اليهودي المقاتل، هي التي مهدت الطريق أمام عودة المسيح أو عودة المهدي المنتظر وفقًا للمفهوم الشيعي. وعندما يستخدم بن جوريون الرموز والمصطلحات المتعارف عليها عندنا يكون الأمر طبيعيًا، ولكن عندما يفعل الخميني الشيء نفسه، يصبح هذا الأمر غير مفهوم قطعيًا».

ويبرر دكتور رام مقارنته بين الخمينية والصهيونية بقوله: «كمؤرخ من واجبي فحص التجربة التاريخية الخاصة لمجتمع ما، وبالطبع تجربة الشيعة. واستنادًا إلى ذلك، فإن أدوات التنفيذ المقبولة لديها لا تتطابق مع أدوات التنفيذ لدى يهود الشتات ودولة إسرائيل، لكن المسار متشابه كثيرًا. وعلى سبيل المثال مسألة موت القديسين؛ فلدى الشيعة مسألة موت الإمام الثالث الحسين، ومعركة كربلاء. وفي هذا السياق من هو بركوخبا (١) الذي أحبه الشعب اليهودي بأكمله، والذي دعا إلى الحرية؟ ومن هو ترمپلدور (٢)؟ أليس ما كان حادثًا مهمًا تمامًا أخذ أبعادًا مأساوية بهدف بلورة ثقافة صهيونية جديدة؟» اهـ (٣).

ولا ريب أن هذه الأيديولوچية الخمينية تطعن أهل السنة في الصميم؛ فالخميني يرى


(١) سيمون بركوخبا Simon Bar Kochba (ت. ١٣٥م)، هو زعيم التمرد اليهودي الثاني على الرومان (١٣٢م) باعتباره المسيح المنتظر.
(٢) چوزيف ترمپلدور Joseph Trumpeldor (١٨٨٠ - ١٩٢٠ م) هو أحد القادة الصهاينة الأوائل والذي قتل في معركة تل حي.
(٣) مأمون كيوان: اليهود في إيران، ص (١٤٣) .. فائدة: يقول الدكتور محمد إسماعيل المقدم معلقًا على تطور المفهوم السلبي لدى الشيعة: «إن مما يؤسف له أشد الأسف شيوع هذه السلبية [أي بين أهل السنة] بحجة انتظار خروج المهدي، مع أن أشد الناس سلبية - فيما مضى - طوروا مفاهيمهم تحت وطأة العقل والمصلحة والخوف من خطر الانقراض، وتحرروا من أسر السلبية والتخاذل، وترقب ما يمليه الأمر الواقع، فرأينا الرافضة يطورون مفهوم (الانتظار السلبي) لمهديهم المزعوم، ويخترع لهم الخميني مفهوم ولاية الفقيه ليُخرِج الرافضة من شرنقة الانتظار السلبي لمهديهم المزعوم إلى التحرك الإيجابي وإقامة دولة قبل أن يخرج المهدي من السرداب، الأمر الذي كان مرفوضًا من قبل، وبعد أن مرت قرون كانوا خلالها (السَّندان)، حولتهم ولاية الفقيه إلى (مِطرقة) فعَّالة، وودَّعوا الانتظار السلبي الممل»، وينقل عن الشيخ الألباني - رحمه الله - تعالى قوله: «إن الله تعالى أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - لم يخبرنا أن لا عودة للإسلام، ولا سلطان له على وجه الأرض إلا في زمان المهدي وعيسى عليهما السلام، فمن الجائز أن يتحقق ذلك قبلهما إذا أخذ المسلمون بالأسباب الموجبة لذلك، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧]، وقوله: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: ٤٠]»، ثم يعقب الدكتور المقدم بقوله: «وإذا كانت (الانتصارات) قد أسكرت أعداءنا وفتنتهم بباطلهم، فإن (الانكسارات) ينبغي أن توقظنا من سباتنا، وتفعل بنا ما تفعله الأحجار إذا ألقيت في الماء الراكد. إن الإيمان بالغيب هو أقوى حافز ودافع للعمل في عالم الشهادة، وقد رأينا ذلك ماثلًا في واقع خير أجيال البشرية من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن تبعهم بإحسان، حيث لم يتخذوا من إيمانهم بأشراط الساعة تكأة يقعدون عليها بحجة انتظار تحققها في المستقبل، أفلم يأن لنا أن نقوم بدور (المطرقة) ونودِّع دور (السَّندان)؟ سؤال ينتظر الإجابة في زمن الانتظار» اهـ[د. محمد إسماعيل المقدم: فقه أشراط الساعة، ص (٢١٢، ٢١٦ - ٧) باختصار وتصرف يسير].

<<  <   >  >>