للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد جاء بإنجيل يوحنا: «صدقوني، من الخير لكم أن أذهب، فإن كنت لا أذهب لا يجيئكم المعزي، أما إذا ذهبت فأرسله إليكم» (١)، وتشير العبارة السابقة إلى أن هذا المُعَزِّي لن يظهر إلا بعد رحيل المسيح - عليه السلام -، في حين أنه قد دلت بعض نصوص الإنجيل على مجيء الروح القدس قبل ولادة المسيح - عليه السلام -، كقوله: «وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس» (٢)، بل وإنه قد جاء في حياته أيضًا، وذلك في قوله: «وحل الروح القدس عليه في صورة جسم كأنه حمامة» (٣). غير أن ما يستقيم فهمه من تعليق المسيح - عليه السلام - مجيء المعزي الآخر بذهاب الأول - أي عيسى - عليه السلام - أنه لا بد أن يكون رجلًا (٤) له نفس الطبيعة: يأكل (٥)، ويشرب (٦)، ويبكي (٧) ... إلخ، وهل الروح القدس رجل يأكل ويشرب ويبكي ... ؟ أم إنه لم يكن المعزي الآخر؟!: {قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَّسُولًا} (٨).

يقول موريس بوكاي (٩): «إن وجود كلمتي (الروح القدس) في النص الذي نملك اليوم قد يكون نابعًا من إضافة لاحقة إرادية تمامًا تهدف إلى تعديل المعنى الأول لفقرة تتناقض - بإعلانها بمجيء نبي بعد المسيح - مع تعاليم الكنائس المسيحية الوليدة التي أرادت أن يكون المسيح هو خاتم الأنبياء ... ولكي تكون لنا فكرة صحيحة عن المشكلة، يجب الرجوع إلى النص اليوناني الأساسي، والنص اليوناني الذي رجعنا إليه هو نص Novum Testamentum Graece طبعة نستلى وألاند Nestle et Aland ١٩٧١، وما يهم هو أن المعروض هنا عن الدلالة المحددة لفعلي (يسمع) و (يتحدث) يسري على


(١) يوحنا ١٦: ٧
(٢) لوقا ١: ٦٧
(٣) لوقا ٣: ٢٢
(٤) أعمال الرسل ٢: ٢٢
(٥) مرقس ١١: ١٢ - ١٤
(٦) يوحنا ١٩: ٢٨
(٧) يوحنا ١١: ٣٥
(٨) الإسراء: ٩٥
(٩) موريس بوكاي: القرآن والإنجيل والتوراة والعلم، ص (١١٠ - ١) باختصار.

<<  <   >  >>