للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنه لا يتم عليهم إلزامًا، وأقول: إن كان اللفظ اليوناني الأصل پاراكليطوس كما يدعون فهذا لا ينافي الاستدلال أيضًا، لأن معناه المعزي، والمعين، والوكيل - على ما بيَّن صاحب الرسالة -، أو الشافع كما يوجد في الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨١٦م، وهذه المعاني كلها تصدق على محمد - صلى الله عليه وسلم -» اهـ.

لكن النصارى يصرون رغم ذلك على إنكار كون المُعَزِّي هو محمد - صلى الله عليه وسلم - ويقولون إن المراد هو روح القدس جبريل - عليه السلام -، قياسًا على نصوص أخرى، منها ما جاء بيوحنا: «ولكن المُعَزِّي، وهو الروح القدس، الذي أرسله الآب باسمي، سيعلمكم كل شيء ويجعلكم تتذكرون كل ما قلته لكم» (١).

وغير أن آثار الوضع واضحة، فهو أيضًا ادعاء باطل من وجوه:

منها أنه جاء في رسالة يوحنا الأولى: «أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم» (٢)؛ فيلاحظ أن كلمة (أرواح) جاءت في العبارة مرادفة لكلمة (أنبياء)، ويلاحظ أيضًا أن العبارة حذرت من خروج أنبياء كذبة، ولكنه تحذير عام، وبالتالي فلا بد من وجود أنبياء صادقين في المقابل. ولقد طالب كاتب الرسالة بضرورة التمييز بين هذين النوعين من الأنبياء، ووضع في رسالته المعيار لاختبار صدق نبوة المدعين كما يلي: «بهذا تعرفون روح الله، كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله» (٣).

وانظروا القرآن الكريم وتصفحوا، كم مرة ذكر فيها أن عيسى بن مريم هو المسيح - عليه السلام -؟ قال تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} (٤)، وقال - عز وجل -: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} (٥) ... فوفقًا للمقياس الذى وضعه يوحنا في رسالته يتضح بالمطابقة أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو المُعزِّي الآخر.


(١) يوحنا ١٤: ٢٦
(٢) رسالة يوحنا الأولى ٤: ١
(٣) رسالة يوحنا الأولى ٤: ٢
(٤) آل عمران: ٤٥
(٥) النساء: ١٧١

<<  <   >  >>