للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(پيريكليطوس) يكون قريبًا من معنى محمد وأحمد، فمن استدل من علماء الإسلام بهذه البشارة فهم أن اللفظ الأصل (پيريكليطوس) ومعناه قريب من معنى محمد وأحمد، فادعى أن عيسى - عليه السلام - أخبر بمحمد أو أحمد، لكن الصحيح أنه (پاراكليطوس) " انتهى ملخصًا من كلامه.

فأقول: إن التفاوت بين اللفظين يسير جدًا وإن الحروف اليونانية كانت متشابهة، فتبدل پيريكليطوس بپاراكليطوس في بعض النسخ من الكاتب قريب القياس، ثم رجح أهل التثليث المنكرين هذه النسخة على النسخ الأخر، ومثل هذا الأمر من أهل الديانة من أهل التثليث ليس ببعيد، بل لا يبعد أن يكون من المستحسنات!

والأمر الثاني: أن البعض ادعوا قبل ظهور محمد - صلى الله عليه وسلم - أنهم مصاديق لفظ فارقليط، مثلًا منتنس المسيحي الذي كان في القرن الثاني من الميلاد، ادعى في قرب سنة ١٧٧ من الميلاد في آسيا الصغرى الرسالة وقال: إني هو الفارقليط الموعود به الذي وعد بمجيئه عيسى - عليه السلام -، وتبعه أناس كثيرون في ذلك كما هو مذكور في بعض التواريخ.

وذكر وليم ميور (١) حاله وحال متبعيه في القسم الثاني من الباب الثالث من تاريخه بلسان أردو المطبوع سنة ١٨٤٨ من الميلاد هكذا: "أن البعض قالوا: إنه ادعى أني فارقليط يعني المعزي روح القدس وهو كان أتقى ومرتاضًا شديدًا ولأجل ذلك قبله الناس قبولًا زائدًا" انتهى كلامه. فعلم أن انتظار فارقليط كان في القرون الأولى المسيحية أيضًا ولذلك كان الناس يدعون مصاديقه وكان المسيحيون يقبلون دعاويهم.

وقال صاحب لُب التواريخ (٢): "أن اليهود والمسيحيين من معاصري محمد [- صلى الله عليه وسلم -] كانوا منتظرين لنبي فحصل لمحمد من هذا الأمر نفع عظيم لأنه ادعى أني هو ذاك المنتظر" انتهى ملخص كلامه.

فأقول: إن اللفظ العبراني الذي قاله عيسى - عليه السلام - مفقود، واللفظ اليوناني الموجود ترجمة، لكني أترك البحث عن الأصل، وأتكلم على هذا اللفظ اليوناني الأصل پيريكليطوس، فالأمر ظاهر، وتكون بشارة المسيح في حق محمد - صلى الله عليه وسلم - بلفظ هو قريب من محمد وأحمد، وهذا وإن كان قريب القياس بلحاظ عاداتهم، لكني أترك هذا الاحتمال


(١) أحسبه يقصد المستشرق الاسكتلندي وليام موير William Muir (١٨١٩ - ١٩٠٥ م).
(٢) وهو يحيى بن عبد اللطيف القزويني (ت. ٩٦٠هـ).

<<  <   >  >>