للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإرهاب، أعلن عن مبادئ حربه (الاستباقية/الوقائية) Preemptive War، وذلك في خطابه الذي ألقاه في يونيو ٢٠٠٢ أمام الكليات الحربية، حيث شدد على أن «مبادئ الحرب الباردة القائمة على الردع والاحتواء لم تعد كافية للولايات المتحدة، وإنما من الآن فصاعدًا، يجب أن ننقل المعركة إلى أرض العدو، ونجهض خططه، ونواجه أسوأ التهديدات قبل أن تظهر، وبمعنى آخر شن الحرب ضد الدول الأخرى وبشكل وقائي» (١).

ومتقمصًا لشخص أوربان الثاني، وبنظرة أكثر أحادية إلى باقي العالم، صرح مرارًا أنه «في حرب الخير ضد الشر التي نخوضها، إما أن تكونوا معنا، وإما أن تكونوا ضدنا»، كما أكد: «أننا نحن - أمريكا - لن يمكننا الانتهاء من تلك الحرب مع الإرهابيين، ما لم تنشر هذه الأمة المباركة الحرية التي أرادها الله في البلدان الأخرى، وبالقوة إن دعت الحاجة» (٢).

واستطاعت هذه الحرب أن تضُم تحت رايتها كلًا من: المتدينين، دفاعًا عن تراثهم اليهودي-المسيحي المشترك، والعَلْمانيين، دفاعًا عن قوميتهم وثقافتهم المهددة بالانهيار، عاملين بمبدأ (حساء الدجاجة) القائل: «إن لم ينفع فهو لا يضُر»!

ولكن يطرح روربت كيجن سؤالًا مهمًا حول هذا (المبدأ الاستباقي)، فيقول (٣): «ما الذي يوجب على الأمريكيين المحميين بمحيطين أن يكونوا أكثر قلقًا من حريق يندلع في شبه القارة الآسيوية أو في الشرق الأوسط أو في روسيا، من الأوروپيين، الأقرب كثيرًا؟»، ثم يجيب قائلًا: «يكمن الجواب في أن الأمريكيين يعلمون أن تفجر الأزمات الدولية يجعلهم أوائل المرشحين المحتملين للتورط، وهذه حقيقة معلومة أيضًا لدى الأوروپيين».

ويضرب كيجن مثالًا بارعًا لتفسير هذه الظاهرة، فيقول (٤): «ليست السيكولوچيَّتان


(١) انظر، د. ناظم الجاسور: تأثير الخلافات الأمريكية-الأوروپية على قضايا الأمة العربية، ص (٧٨) ..
(٢) انظر، باربرا فيكتور: الحرب الصليبية الأخيرة، ص (٣٦).
(٣) روبرت كيجن: عن الفردوس والقوة، ص (٤٢ - ٣).
(٤) السابق، ص (٣٨).

<<  <   >  >>