المتباينتان للقوة والضعف من الأمور العصية على الفهم، إنهما شديدتا البساطة؛ فأي رجل مسلح بسكين قد يقرر أن ظهور دب في الغابة خطر يمكن أن يطاق، بمقدار ما يكون البديل - اصطياد الدب بالسكين فقط - أكثر خطورة، بالفعل، من القعود دون حركة وعَقد الأمل على أن الدب لن يهاجمك قَط. إلا أن الرجل نفسه يبادر، إذا كان مسلحًا ببندقية، إلى إجراء حساب مختلف لما تعنيه المخاطرة القابلة للتحمل. ما الذي يجعله يخاطر بالتعرض للهَرس حتى الموت إذا لم يكن مضطرًا؟».
قلت: وكما ارتضت أمريكا لنفسها أن تؤدي دور الشرطي، وسلَّمت لها أوروپابذلك، فإنه كما يقال:«الشرطة في خدمة الشعب»!!
وما لا شك فيه أن الإدارة الأمريكية استغلت الأحداث لأقصى درجة من أجل تحقيق أغراضها - المبيَّتة - في المنطقة، فكما يقول كيجن (١): «حين أطلقت إدارة بوش استراتيچيتها الجديدة للأمن القومي في سپتمبر من السنة الماضية (٢٠٠١م) أُصيب عدد كبير من الأوروپيين ومعهم بعض الأمريكيين بذهول عظيم من مدى اتساع طموح الاستراتيچية الأمريكية. اعتُبرت الاستراتيچية الجديدة ردًا على الحادي عشر من سپتمبر، ولعلها كانت كذلك في أذهان من كتبوها. غير أن المدهش في الوثيقة هو أن استراتيچية إدارة بوش (الجديدة) لم تكن - فيما عدى إشارات قليلة إلى فكرة (الاستباق)، وهي ذاتها بعيدة عن أن تكون مفهومًا جديدًا - سوى إعادة طرح سلسلة طويلة من السياسات والخطط الأمريكية، وكثرة منها تعود إلى ما قبل نصف قرن من الزمن» اهـ.
وعلى الرغم من أن الأوروپيين والولايات المتحدة ينتميان إلى العالم الغربي حيث القيم المشتركة، فهناك خلافات على المصالح التي تباعد ما بين الطريفين، ولكن ليس هناك من خلافات عميقة بين الشعوب الأوروپية والشعب الأمريكي، حيث إن التضامن الذي ظهر يوم ١١ سپتمبر، متمثلًا في قولهم: اليوم نحن كلنا أمريكيون! قد عبر عن ذلك. ولكن أيضًا هذا الشعور بالتضامن الذي جاء من أعلى المستويات السياسية الأوروپية، لا يخفي بالتأكيد، الرغبة القوية لدى الأوروپيين في احتلال الموقع السياسي