للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجعوا إلى ديانات الروم ولم تجد الروم تنصروا»!

تقول هيلين إيليربي (١): «ولقد رأى هذا الرجل [قسطنطين] في المسيحية وسيلة نافعة في تقوية قدرته العسكرية، وفي توحيد الإمپراطورية الرومانية الواسعة والمضطربة. وأما القصة التي تحدثت عن منام قسطنطين الذي اقتاده إلى قبول المسيحية، حيث إنه رأى في منامه صليبًا في السماء مكتوبًا عليه الكلمات التالية: "في هذه العلامة أنت سوف تنتصر"، فهي مجرد حكاية لأن قسطنطين تحول شخصيًا إلى المسيحية فقط عندما كان على فراش موته (٢)، فقد اعترف قسطنطين بالمسيحية كمجرد وسيلة للتغلب على التمزق داخل الإمپراطورية الرومانية، وكذلك عوضًا عن الديانة الرومانية الرسمية وبديلًا لها».

ويقول أبو زهرة (٣): «ويسوغ لنا أن نقول أنه كان له في هذا (٤) أرب خاص، وهو تقريبها [أي المسيحية] من وثنيته، أو على الأقل عندما رجَّح رأي فريق كان يرجح ما هو أقرب إلى وثنيته، وأدنى إلى ما يعرفه من عقيدة، فلم تكن الحجة القوية في جانب ترجيحه على هذا الاعتبار، أو كان متهمًا في ترجيحه بناء على الاعتبار الأول، وسواء أكان هذا أم ذاك، فهو قد رجح ما هو أقرب إلى الوثنية لوثنيته».

ويقول الندوي (٥): «انتصر النصارى في ساحة القتال وانهزموا في معترك الأديان، ربحوا ملكًا عظيمًا، وخسروا دينًا جليلًا، لأن الوثنية الرومية مسخت دين المسيح (٦)،


(١) هيلين إيليربي: الجانب المظلم في التاريخ المسيحي، ص (٣٤).
(٢) تذكر المصادر التاريخية المعتمدة أن القس يوسابيوس النيقوميدي، الآريوسي المتشدد، أسقف القسطنطينية (ت. ٣٤١م) قد أثَّر على قسطنطين وعمَّده على عقيدة التوحيد الآريوسية قبل وفاته بوقت قصير في ٢٢ مايو ٣٣٧م. [انظر، موسوعة ويكيپيديا، مادة: Eusebius of Nicomedia].
(٣) محمد أبو زهرة: محاضرات في النصرانية، ص (١٢١).
(٤) أي في اعتماده في مجمع نيقية عقيدة كنيسة الإسكندرية التثليثية الوثنية ونبذه لعقيدة التوحيد الآريوسية (والتي تعمَّد عليها قبيل وفاته كما ذكرنا)، والأمر بإحراق الكتب التي تخالف رأيه.
(٥) أبو الحسن الندوي: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، ص (١٤٩ - ٥٠) باختصار وتصرف يسير.
(٦) ولا يخفى دور شاءول/شاول Saul (ت. ٦٤/ ٦٥م) - الملقب بالقديس پولس الرسول - الرئيس في إفساد المسيحية الحقة التي أرسل الله تعالى بها عيسى - عليه السلام - ونقلها من عبادة الله وحده إلي تأليه المسيح وجعله ابنًا لله [انظر، أعمال الرسل ٩: ٢٠]؛ يقول مايكل هارت: «فالمسيحية لم (يؤسسها) شخص واحد، =

<<  <   >  >>