للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بإتمام عمليات الزواج والطلاق وتنفيذ العقوبات مثل الجلد والسجن (بل الإعدام في حالات نادرة). وكان من حق هذه المجالس أن تصدر قرارًا بالطرد من حظيرة الدين، وكان من حقها النظر في المنازعات بين اليهود والحكم في القضايا حسب الشريعة اليهودية. وكان أعضاء المجلس يعرفون كل صغيرة وكبيرة عن سكان الجيتو بسبب صغر حجمه وقلة عددهم، ولذا كان من السهل التحكم فيهم.

وكان اليهودي يتلقى داخل الجيتو التأكيدات بأنه ينتمي إلى الشعب المقدَّس والشعب المختار وأن الجيتو ليس إلا وجودًا مؤقتًا يحفظ فيه الإله الأمة وروحها إلى أن يحين الحين ويشاء إعادة شعبه إلى أرضه المقدَّسة وحريته الكاملة، بل تصبح كل المعاناة والآلام التي يتحملها اليهودي خارج الجيتو من علامات الاختيار والتميز، وكلما زاد الاضطهاد زادت الساعة اقترابًا (١).

وكان جهل اليهود وحاخاماتهم - وهم القيادة الثقافية للجماعة - مزريًا جدًا؛ يقول إسرائيل شاحاك (٢): «في معظم الأحوال كانت دراسة جميع اللغات محرمة تمامًا، كما كانت أيضًا محرمة دراسة الرياضيات والعلوم والجغرافيا والتاريخ (حتى التاريخ اليهودي كان مجهولًا) ... بما في ذلك جغرافيا فلسطين وبالتأكيد موقعها، وهذا يظهر من خلال (قبلة) جميع الكنس اليهودية في دول مثل پولندا وروسيا، حيث يفترض أن يصلي اليهود باتجاه القدس، بل إن اليهود الأوروپيين الذين كانت لديهم فكرة غامضة عن موقع القدس، افترضوا أنها دائمًا باتجاه الشمال، في حين كانت في الواقع أقرب قليلًا من الجنوب».

ويقول (٣): «منذ قرنين فقط كانت الغالبية العظمى من اليهود تعيش في حالة كلية من الجهل، ليس فقط فيما يخص وجود القارة الأمريكية، لكن أيضًا فيما يخص تاريخهم، ووضع اليهود في عصرهم، وقد كانوا قانعين تمامًا بأن يظلوا كذلك» اهـ.

ولقد حرص كل جيتو على الاحتفاظ باستقلاله والدفاع عن مصالحه تجاه الجيتوات


(١) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٤/ بنية الجيتو) باختصار.
(٢) إسرائيل شاحاك: اليهود واليهودية، ثلاثة آلاف عام من الخطايا، ص (٤٢) الهامش.
(٣) السابق، ص (٤٤).

<<  <   >  >>