للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد برز دور اليهود في هذا المجال في الوقت الذي كانت تحرم فيه الكنيسة على النصارى الاشتغال بالربا، وأصدرت عدة قرارات في هذا الشأن، ولكنهم كذلك ما رعوا قراراتهم حق رعايتها، وكانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَاكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ} (١).

«وقد كُسر احتكار أعضاء الجماعات اليهودية للربا مع ظهور جماعات من المرابين المسيحيين مثل جماعة فرسان المعبد Knights Templar الألمانية، واللومبارد Lombard في إيطاليا، ويبدو أن الكنيسة الكاثوليكية ذاتها كانت متورطة في عمليات الإقراض بالربا وكانت تلتف حول التحريم الذي أصدرته بأن تقوم بإقراض المال المطلوب للمدين الذي يقدم كضمان قطعة أرض تقوم الكنيسة باستثمارها لحسابها وتستولى على ريعها الذي يشكل الفائدة إلى حين استرداد القرض الأصلي. كما ساندت الكنيسة كثيرًا من جماعات المرابين. وقد منح البابا إنوسنت الرابع Pope Innocent IV [١١٨٠/ ١١٩٠ - ١٢٥٤ م] في عام ١٢٤٨م لقب (أبناء الكنيسة الرومانية المميَّزين) للمرابين المسيحيين» (٢).

وكان النظام الإقطاعي في الغرب «يستند إلى شرعية مسيحية ويتطلب يمين الولاء كشرط أساسي للانتماء إليه، وقد وجد أعضاء الجماعات اليهودية في الغرب أنفسهم خارج كثير من المجالات السياسية والاقتصادية والمدنية المشروعة [إلا إذا تنصروا]. وكانت هذه الظروف سببًا ونتيجة في آن واحد لتحوُّلهم إلى جماعة وظيفية وسيطة تقوم بأعمال التجارة ثم الربا. وربما كان هذا الوضع هو الذي حدَّد موقف أعضاء المجتمع منهم، فكان يُنظَر إليهم من أعلى باعتبارهم أداة يمكن استخدامها أو استبدالها إن دعت الحاجة، كما كان يُنظر إليهم من أسفل باعتبارهم وحوشًا لا بد من ضربها، فهم الأداة


(١) التوبة: ٣٤
(٢) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٢/ جماعة يهودية وظيفية مالية (الربا والإقراض)) باختصار.

<<  <   >  >>