للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان مما أرشد إليه في السياق ذاته هو «الترفق معهم وإرشادهم عن طريق المخطوطات، ثم سيتنصر بعضهم بمفرده، وذلك بدلًا من محاولة تنصيرهم بالقوة ... وأما لو ظللنا نعاملهم كالكلاب، كيف نتوقع أي خير منهم؟ ولذا فلا بد من التعامل معهم ليس بالقانون البابوي ولكن بقانون الحب المسيحي. ولا بد كذلك من تقبلهم بود، والسماح لهم بالتجارة والعمل معنا، حتى تتوفر لديهم الفرصة لمعاشرتنا، والسماع لتعاليمنا، ومشاهدة حياتنا. وإذا أبدى بعضهم العناد والاعتراض، ففي كل الأحوال لسنا كلنا نصارى صالحين».

ثم أنزل بعد ذلك سيلًا من السباب والشتائم على البابوات ورجال الكنيسة الكاثوليك، وذلك بسبب سوء معاملتهم لليهود، وقال ما مفاده استحالة اعتناقه هو شخصيًا النصرانية لو كان ولد يهوديًا في ظل السلطة البابوية. وفي المقابل، لم يترك أعداؤه من البابويين فرصة إلا اغتنموها لوصمه بأنه (يهودي).

ثم يطرح لوثر بعد ذلك رؤية (بيولوچية) بعض الشيء، فيقول (١): «عندما نميل إلى الافتخار بمكانتنا لدى المسيح لا بد أن نتذكر أننا مجرد أغيار غرباء، في حين أن اليهود تربطهم به علاقة دم ونسب، فهم أقرباء وإخوة لربنا».

ويقول كذلك (٢): «شاء الروح القدس أن ينزِّل الكتب المقدسة إلى العالم عن طريقهم فقط؛ إنهم هم الأطفال، ونحن الضيوف والغرباء، تمامًا مثل المرأة الكنعانية، ولا بد لنا أن نرضى أن نكون كالكلاب التي تأكل الفتات الذي يتساقط من مائدة ساداتهم».

ولقد دعا إلى تعظيم العهد القديم (التوراة) حيث قال (٣): «أنا على اقتناع بأن اليهود إذا سمعوا إلى مواعظنا، ورأوا كيف نتعامل مع العهد القديم، فسوف نكسب الكثير منهم» اهـ.

ولكن آماله كانت ساذجة، وقليل كان عدد من تبعه وتنصر؛ ذلك لأن المنهج الذي


(١) ibid., ٤٥:٢٠٠
(٢) Jewish Encyclopedia: Luther, Martin (xxv. ٢٦٠)
(٣) Luther's Works ٤٥:٢٠٠

<<  <   >  >>