للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه الفترة كذلك شاعت الأخبار حول قيام اليهود في مقاطعتي مورافيا Moravia وبوهيميا Bohemia بمحاولات لتهويد النصارى، واستجابة بعض النصارى لهذه المحاولات، حيث قاموا بأداء شريعة الختان وتعظيم يوم السبت، والاعتقاد في المشَّيحانية وغيرها، وعرف هؤلاء النصارى باسم السبتيين Sabbatarians.

حينها أحس لوثر بالخطر، وشرع في التصدي لهم، فألف في عام ١٥٣٨م رسالته المختصرة في الرد على السبتيين Brief wider die Sabbather an einen guten Freund، حيث قام فيها بتفنيد شبهاتهم. وشرع بعدها «ألا يكتب أي شيء آخر لا عن اليهود ولا ضدهم» (١).

ولكنه لم يبقِ على عهده؛ ففي عام ١٥٤٣م - أي قبيل موته بثلاثة أعوام -كسر حاجز الصمت، وألف رسالته (عن اليهود وأكاذيبهم Von den Jüden und iren Lügen)، والتي تجلى فيها أثر الكتابات المعادية لليهود التي اطلع عليها ..

جاءت رسالته هذه كرد على منشور دفعه إليه أحد كونتات مورافيا، هو الكونت شليك Count Schlick، كتبه أحد اليهود، ويحوي هجومًا حادًا على المسيح وأمه مريم عليهما السلام، بل على تفسيرات لوثر للعهد القديم كذلك، فطلب شليك من لوثر قراءته والرد عليه.

ولقد جاء رد لوثر هذه المرة في غاية العنف والبذاءة ليس على اليهودية فقط، بل على اليهود أنفسهم، حتى كتب رولاند باينتون قائلًا: «تمنيت أن يموت لوثر قبل كتابته هذه الرسالة» (٢).

يقول لوثر في مقدمة رسالته (٣): «كنت قد قررت أن لا أكتب أكثر، لا عن اليهود، ولا ضد اليهود، لكن منذ أن علمت أن هؤلاء الناس الأشرار الملعونين لا يتوقفون عن الدعاية لأنفسهم ومحاولة كسبنا نحن المسيحيين أيضًا؛ فإنني نتيجة لذلك سمحت لنفسي


(١) Luther's Works ٤٧:١٣٣, See, James Swan: ch. VIII (١٥٣٨: Luther's Treatise "Against the Sabbatarians")
(٢) See ibid., ch. IX (١٥٤٣: Luther's Treatise "On the Jews and their Lies")
(٣) مارتن لوثر: اليهود وأكاذيبهم، ص (٥١).

<<  <   >  >>