للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضابط السجين، ولكنه كان حركة أساسية في برنامج سياسي يقوم على الاشتراكية والديمقراطية، المناهضة للفكر الرجعي ممثلًا في البرچوازية والكنيسة ... فكان يمنح صداقته وتأييده ليهود فرنسا، تدعيمًا لركائز سياسية واجتماعية يريد منها كسب أنصار جدد للاشتراكية الليبرالية التي كان يدعو لها» اهـ.

وعلى النقيض، كان يقود الكاتب الفرنسي إدوار دريمون Edouard Drumont (١٨٤٤ - ١٩١٧ م) في الوقت نفسه معركة عكسية بكتابه الخطير (فرنسا اليهودية La France Juive) الصادر في عام ١٨٨٦م، أي قبل صدور الحكم على دريفوس ببضع سنوات - إذ أن الحكم قد صدر على أثر المحاكمة الأولى [سنة ١٨٩٤م]- واشتهر الكتاب بأنه من أُمَّات الكتب التي تأخذ مسلك اللاسامية (١).

وفي أثناء هذه المعركة الطاحنة، كان هرتزل يقيم في پاريس، ويعمل مراسلًا لصحيفة نمساوية تصدر في فيينا باسم (نويه فراي پرِسه Neue Frie Presse)، والتي قد كلفته بمتابعة أخبار المحاكمة وتبعاتها.

وفي الفترة ما بين ربيع عام ١٨٩٥م وشتائه، اختمرت فكرة الدولة اليهودية في عقل هرتزل، حيث رأى أنها الحل الجذري لإنهاء المسألة اليهودية، وذلك عن طريق إبعادهم عن الأمم الأخرى.

يقول المسيري (٢): «ومن الطريف أن التواريخ الصهيونية ترى أن واقعة دريفوس هي التي هزت هرتزل وأعادته إلى يهوديته، ولكن المقالات التي كتبها لصحيفته عام ١٨٩٤م تدل على أنه كان مقتنعًا بأن الضابط اليهودي كان مذنبًا، ولعل اقتناعه بوجاهة الاتهامات هو الذي قاده إلى الصهيونية؛ فالكره العميق لليهود واليهودية هو الأساس العميق الكامن للصهيونية» اهـ.

وقد قرَّر هرتزل أن يسجل أفكاره في كتيب، ففعل ذلك في خمسة أيام ونشره موجزًا في جريدة (التاريخ اليهودي The Jewish Chronicle) [في عددها الصادر يوم


(١) انظر السابق، ص (٧٩).
(٢) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٦/ أفكار هرتزل).

<<  <   >  >>