للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالفعل، لقد وجدنا في فلسطين حين أخذنا وعدنا وجئنا إليها بعد الحرب لتنفيذ الوعد، أساسًا يصلح للبناء عليه. وشعرنا أننا لسنا بادئين، وإنما كنا نكمل بناءنا الذي بدأناه» اهـ.

وأثناء الحرب العالمية الأولى طلبت الحكومة البريطانية سنة ١٩١٥م من السير هربرت صامويل Herbert Samuel (١٨٧٠ - ١٩٦٣ م) أن يضع تصورًا لما ينبغي أن يكون عليه أمر فلسطين بعد النصر. وكتب هربرت صامويل بوصفه عضوًا في وزارة الحرب - إلى جانب كونه يهوديًا وصهيونيًا أيضًا - مذكرة بعنوان (مستقبل فلسطين) تاريخها ٥ فبراير ١٩١٥م، توصل فيها إلى نتيجتين:

١ - إنه مهما يكن من شأن أية اتفاقات مع فرنسا، فإن فلسطين يجب أن تخرج من هذه الاتفاقيات، لأن سيطرة دولة أوروپية عظمى على موقع قريب من قناة السويس إلى هذه الدرجة يشكل تهديدًا مستمرًا ومخيفًا لخطوط المواصلات الإمپراطورية (البريطانية). إن الحزام الصحراوي الذي تمثله سيناء استطاع أن يؤدي دوره كحاجز استراتيچي كافٍ ضد الأتراك، لكنه ليس كافيًا للصمود أمام حملة عسكرية تقوم بها دولة أوروپية قوية. ولا نستطيع أن نفترض أن علاقاتنا الطيبة مع فرنسا سوف تستمر كذلك طوال الوقت.

٢ - إن الحل الذي يوفر أكبر فرصة للنجاح ولضمان المصالح البريطانية هو إقامة اتحاد يهودي كبير تحت السيادة البريطانية في فلسطين. إن فلسطين يجب أن توضع بعد الحرب تحت السيطرة البريطانية، ويستطيع الحكم البريطاني فيها أن يعطي تسهيلات للمنظمات اليهودية في شراء الأراضي وإقامة المستعمرات وتنظيم الهجرة والمساعدة على التطور الاقتصادي بحيث يتمكن اليهود من أن يصبحوا أكثرية في البلاد. هذا مع ملاحظة أن هناك عطفًا واسع الانتشار وعميق الجذور في العالم الپروتستانتي لفكرة إعادة الشعب العبراني إلى الأرض التي أعطتها له النبوءات القديمة (١).

وفي عام ١٩١٦م جاءت الوزارة البريطانية الجديدة برئاسة دافيد لويد چورچ David Lloyd George (١٨٦٣ - ١٩٤٥ م)، والتي عُيِّن بلفور وزيرًا لخارجيتها، فعاد بلفور


(١) محمد حسنين هيكل: المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل (١/ ١١١).

<<  <   >  >>