(٢) حتى أنه نقل موريس وايلز عن الراهب چيروم Jerome (٣٤٧ - ٤٢٠ م) - والذي يعد أحد أهم الأسماء في تاريخ الكنيسة حيث نِيطت به ترجمة الإنجيل من الإغريقية والعبرية إلى اللاتينية - قوله: «العالم كله تأوه متعجبًا ليجد نفسه آريوسيًا!» [Maurice Wiles: Archetypal Heresy, p(٣٢)]، ويقول الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله (١٣١٥ - ١٣٩٤هـ/١٨٩٨ - ١٩٧٤م): «الموحدين كما يظهر من رواية الكتب المسيحية، وكما يستنبط كانوا الكثرة الغالبة في المسيحيين، ففي مجمع نيقية [٣٢٥م] كانوا الكثرة، وفي مجمع صور الخاص [٣٣٥م] كانوا الجميع ما عدا رئيس كنيسة الإسكندرية. وإذا كانوا الكثرة في المؤتمرات خاصة وعامة، فلا بد أن يكونوا الكثرة من جمهور المسيحيين. وإذن تكون فكرة ألوهية المسيح هي العارضة والأصل هو التوحيد كما يستنبط القارئ من المصادر المسيحية نفسها» اهـ[محمد أبو زهرة: محاضرات في النصرانية، ص (١٢٢)]. (٣) للتوسع في هذا المبحث، أحيلك على دراسة المهندس فاضل سليمان: أقباط مسلمون قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - .. (٤) رواه مسلم، كتاب الجهاد والسير: ١٧٧٣، اختلف أهل العلم في معنى كلمة (الأريسيين)؛ فقال بعضهم أن المراد منها (الفلاحين)، وقال البعض الآخر كالإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله (٢٣٩ - ٣٢١هـ): «وقد ذكر بعض أهل المعرفة بهذه المعاني أن في رهط هرقل فرقة تعرف بالأريوسية، توحد الله - عز وجل -، وتعترف بعبودية المسيح - صلى الله عليه وسلم - له - عز وجل -، ولا تقول فيه شيئًا مما تقوله النصارى في ربوبيته ومن بُنوَّة، وأنها متمسكة بدين المسيح - صلى الله عليه وسلم -، مؤمنة بما في إنجيله، جاحدة لما تقوله النصارى سوى ذلك» [الطحاوي: شرح مشكل الآثار (٥/ ٢٣٢)]. ولقد رجح الشيخ الندوي - رحمه الله - هذا الرأي فقال: «إذن من المرجح المعقول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما عنى هذه الفرقة بقوله: "فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين"، فإنها هي القائمة بالتوحيد النسبي في العالم المسيحي الذي تتزعمه الدولة البيزنطية العظمى، التي كان على رأسها القيصر (هرقل)»، ثم يعلق في الهامش بقوله: «اطلعت بعد صدور الطبعة الثالثة للكتاب على بحث قيم لصديقنا الفاضل الدكتور معروف الدواليبي [١٩٠٧ - ٢٠٠٤م] في الأريسيين، يؤيد ما قلناه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما عنى بقوله أتباع أريوس» اهـ[أبو الحسن الندوي: السيرة النبوية، ص (٣٠٧) باختصار].